نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 210
والثاني: فظن أن لن نضيِّق عليه، قاله عطاء. قال ابن قتيبة: يقال فلان مُقَدَّر عليه، ومُقَتَّر عليه، ومنه قوله تعالى: فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ [1] أي ضيَّق عليه فيه. قال النقاش: والمعنى فظن أن يضيقه عليه الخروج، فكأنّه ظنّ أنّ الله تعالى قد وسّع عليه إِن شاء أن يقيم وإِن شاء أن يخرج، ولم يؤذّن له في الخروج. والثالث: أنّ المعنى: أفظنّ أنه يعجز ربه فلا يقدر عليه، رواه عوف عن الحسن. وقال ابن زيد وسليمان التيمي: المعنى أفظنَّ أن لن نَقْدِر عليه فعلى هذا الوجه يكون استفهاماً قد حُذفت ألفه وهذا الوجه يدل على أنه من القدرة، ولا يتصوّر إِلا مع تقدير الاستفهام، ولا أعلم له وجهاً إِلا أن يكون استفهام إِنكار تقديره: ما ظنّ عجزنا فأين يهرب منا؟! قوله تعالى: فَنادى فِي الظُّلُماتِ فيها ثلاثة أقوال [2] : أحدها: أنه ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل، قاله سعيد بن جبير وقتادة والأكثرون. والثاني: أن حوتاً جاء فابتلع الحوت الذي هو في بطنه فنادى في ظلمة حوت ثم في ظلمة حوت ثم في ظلمة البحر، قاله سالم بن أبي الجعد.
والثالث: أنها ظلمة الماء وظلمة مِعى السمكة وظلمة بطنها، قاله ابن السائب.
(997) وقد روى سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إِني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إِلا فرج الله عنه، كلمة أخي يونس: فنادى في الظلمات أن لا إِله إِلا أنتَ، سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ من الظالمين» . قال الحسن: وهذا اعتراف من يونس بذنْبه وتوبة من خطيئته.
قوله تعالى: فَاسْتَجَبْنا لَهُ أي: أجبناه وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ أي: من الظلمات وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ إِذا دعونا. وروى أبو بكر عن عاصم أنه قرأ: «نُجّي المؤمنين» بنون واحدة مشددة الجيم قال الزجاج: وهذا لَحْنٌ لا وجه له، وقال أبو علي الفارسي: غلط الراوي عن عاصم، ويدل على هذا إِسكانه الياء من «نُجّي» ونصب «المؤمنين» ولو كان على ما لم يُسم فاعله ما سكّن الياء، ولرفع «المؤمنين» .
[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 الى 94]
وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (90) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ (91) إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (93)
فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (94)
حسن. أخرجه النسائي في «اليوم والليلة» 660 وابن السني 345 بإسناد ضعيف. وأخرجه الترمذي 3505 والحاكم [1]/ 505 من حديث سعد بن أبي وقّاص، من وجه آخر، وإسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وكذا الألباني في صحيح سنن الترمذي، وورد من وجه آخر مطولا وله قصة أخرجه أحمد 1464 وقال الهيثمي 11176: رجاله رجال الصحيح سوى إبراهيم بن محمد، وهو ثقة. فهذه الطرق تتأيد بمجموعها. فالحديث حسن إن شاء الله. وانظر «تفسير الشوكاني» 1638 بتخريجنا. [1] سورة الفجر: 16. [.....] [2] قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» 9/ 77: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن يونس أنه ناداه في الظلمات، ولا شك أنه قد عني بإحدى الظلمات: بطن الحوت وبالأخرى: ظلمة البحر، وفي الثالثة اختلاف، ولا دليل يدلّ على أي ذلك من أي، فلا قول في ذلك أولى بالحق من التسليم لظاهر التنزيل.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 210