نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 179
والمعنى: أنهم إِن نقضوا العهد، فإن آدم قد عَهِدنا إِليه فَنَسِيَ.
وفي هذا النسيان قولان: أحدهما: أنه التَّرك، قاله ابن عباس، ومجاهد، والمعنى: ترك ما أُمِر به. والثاني: أنه من النسيان الذي يخالف الذِّكْر، حكاه الماوردي. وقرأ معاذ القارئ، وعاصم الجحدري، وابن السميفع: «فَنُسّيَ» برفع النون وتشديد السين.
قوله تعالى: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً العَزْمُ في اللغة: توطينُ النفس على الفعل.
وفي المعنى أربعة أقوال [1] : أحدها: لم نجد له حفظاً، رواه العوفي عن ابن عباس، والمعنى:
لم يحفظ ما أُمِر به. والثاني: صبراً، قاله قتادة، ومقاتل، والمعنى: لم يصبر عمَّا نُهي عنه. والثالث:
حزماً، قاله ابن السائب. قال ابن الأنباري: وهذا لا يُخرج آدم من أُولي العزم، وإِنما لم يكن له عزم في الأكل فحسب. والرابع: عزماً في العَوْد إِلى الذَّنْب، ذكره الماوردي. وما بعده هذا قد تقدّم تفسيره [2] إِلى قوله تعالى: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى قال المفسرون: المراد به نَصَب الدُّنيا وتعبها من تكلُّف الحرث والزرع والعجن والخَبزْ وغير ذلك. قال سعيد بن جبير: أُهبط إِلى آدم ثور أحمر، فكان يعتمل عليه ويمسح العرق عن جبينه، فذلك شقاؤه. قال العلماء: والمعنى: فتشقَيا وإِنما لم يقل فتشقيا، لوجهين: أحدهما: أن آدم هو المخاطَب، فاكتفى به، ومثله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ [3] ، قاله الفراء. والثاني: أنه لما كان آدم هو الكاسب، كان التعب في حَقِّه أكثر، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: أَلَّا تَجُوعَ فِيها قرأ أُبيّ بن كعب: «لا تُجاع ولا تعرى» بالتاء المضمومة والألف.
وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم: «وأَنَّكَ» مفتوحة الألف. وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم: «وإِنَّكَ» بكسر الألف. قال أبو علي: من فتح حمله على أن لك أن لا تجوع وأن لك أن لا تظمأ، ومن كسر استأنف.
قوله تعالى: لا تَظْمَؤُا فِيها أي: لا تعطش. يقال: ظمئ الرجل يظمأ ظمأ، فهو ظمآن، أي:
عطشان. ومعنى وَلا تَضْحى لا تبرز للشمس فيصيبك حَرُّها، لأنه ليس في الجنة شمس. قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ أي: على شجرةٍ مَنْ أكل منها لم يَمُتْ وَمُلْكٍ لا يَبْلى جديده ولا يفنى، وما بعد هذا مفسر في الأعراف [4] . وفي قوله تعالى: فَغَوى قولان: أحدهما: ضلَّ طريق الخلود حيث أراده من قِبَل المعصية. والثاني: فسد عليه عيشه، لأن معنى الغيّ: الفساد. قال ابن الأنباري: وقد غلط بعض المفسرين، فقال: معنى «غوى» : أكثر مما أكل من الشجرة حتى بشم [5] ، كما يقال: غوى الفصيل إِذا أكثر من لبن أمّه فبشم وكاد يهلك، وهذا خطأٌ من وجهين: أحدهما: أنه لا يقال من البشم: غَوَى يَغْوِي، وإِنما يقال: غَوِي يَغْوَى. والثاني: أن قوله تعالى: فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ [6] يدل على أنهما لم يُكثِرا، ولم تتأخر عنهما العقوبة حتى يصلا إِلى الإِكثار. قال ابن قتيبة: فنحن نقول [1] قال الطبري رحمه الله 8/ 466: وأصل العزم: اعتقاد القلب على الشيء، ومن اعتقاد القلب: حفظ الشيء ومنه الصبر على الشيء، لأنه لا يجزع جازع إلا من خور قلبه وضعفه، فيكون تأويله ولم نجد له عزم قلب، على الوفاء لله بعهده، ولا على حفظ ما عهد إليه. [2] سورة البقرة: 34. [3] سورة ق: 17. [4] سورة الأعراف: 22. [.....] [5] في «اللسان» : البشم: التخمة عن الدسم. [6] سورة الأعراف: 22.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 179