نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 172
طرحناها في الحفيرة. وقد ذكرنا سبب قذفهم إِياها في سورة البقرة [1] .
قوله تعالى: فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فيه قولان: أحدهما: أنه ألقى حلياً كما ألقَوْا. والثاني: ألقى ما كان من تراب حافر فرس جبريل. وقد سبق شرح القصة في البقرة [2] وذكرنا في الأعراف [3] معنى قوله تعالى: عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ.
قوله تعالى: فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ هذا قول السامري ومن وافقه من الذين افتُتنوا.
قوله تعالى: فَنَسِيَ في المشار إِليه بالنسيان قولان: أحدهما: أنه موسى. ثم في المعنى ثلاثة أقوال: أحدها: هذا إِلهكم وإِله موسى فنسي موسى أن يخبركم أن هذا إِلهه، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني: فنسي موسى الطريق إِلى ربه، روي عن ابن عباس أيضاً. والثالث: فنسي موسى إِلهه عندكم، وخالفه في طريق آخر، قاله قتادة. والثاني: أنه السامري، والمعنى: فنسي السامريُّ إِيمانه وإِسلامه، قاله ابن عباس. وقال مكحول: فنسي، أي: فترك السامريُّ ما كان عليه من الدين. وقيل:
فنسي أن العجل لا يرجع إِليهم قولاً، ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً. فعلى هذا القول، يكون قوله تعالى: فَنَسِيَ من إخبار الله عزّ وجلّ عن السامري. وعلى ما قبله، فيمن قاله قولان: أحدهما: أنه السامريُّ. والثاني: بنو إِسرائيل. قوله تعالى: أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ قال الزجاج: المعنى: أفلا يرون أنه لا يرجع إِلَيْهِمْ قَوْلًا.
[سورة طه (20) : الآيات 90 الى 94]
وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (91) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)
قوله تعالى: وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ أي: من قبل أن يأتي موسى يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ أي: ابتليتم وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ لا العجل، قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ أي: لن نزال مقيمين على عبادة العجل حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى فلما رجع موسى قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا بعبادة العجل أَلَّا تَتَّبِعَنِ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «ألا تتبعني» بياء في الوصل ساكنة، ويقف ابن كثير بالياء، وأبو عمرو بغير ياء. وروى إِسماعيل بن جعفر عن نافع: «ألا تتبعنيَ أفعصيت» بياء منصوبة. وروى قالون عن نافع مثل أبي عمرو سواء. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة والكسائي: بغير ياء في الوصل، والوقف. والمعنى: ما منعك من اتباعي و «لا» كلمة زائدة. وفي المعنى ثلاثة أقوال: أحدها: تسير ورائي بمن معك من المؤمنين، وتفارقهم. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أن تناجزهم القتال، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: في الإِنكار عليهم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي وهو قوله في وصيته إِياه «اخلفني في قومي وأصلح» . قال المفسرون: ثم أخذ برأس أخيه ولحيته غضباً منه عليه [4] . وهذا وإِن لم يذكر ها هنا، فقد ذكر في [1] سورة البقرة: 52. [2] في الآية 52 من سورة البقرة. [3] سورة الأعراف: 148. [4] قال القرطبي رحمه الله في «تفسيره» 7/ 255: وكان هارون أكبر من موسى- صلوات الله وسلامه عليهما بثلاث سنين، وأحب إلى بني إسرائيل من موسى لأنه كان ليّن الغضب. وللعلماء في أخذ موسى برأس أخيه أربعة تأويلات: الأول- أن ذلك كان متعارفا عندهم، من قبض الرجل على لحية أخيه وصاحبه إكراما وتعظيما، فلم يكن على طريق الإذلال. والثاني: أن ذلك إنما كان ليسرّ إليه نزول الألواح عليه لأنها نزلت عليه في هذه المناجاة وأراد أن يخفيها عن بني إسرائيل قبل التوراة. فقال له هارون: لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، لئلا يشتبه سراره على بني إسرائيل بإذلاله. والثالث: إنما فعل ذلك لأنه وقع في نفسه أن هارون مائل مع بني إسرائيل فيما فعلوه من أمر العجل. ومثل هذا لا يجوز على الأنبياء. والرابع: ضمّ إليه أخاه ليعلم ما لديه، فكره ذلك هارون لئلا يظن بنو إسرائيل أنه أهانه، فبين له أخوه أنهم استضعفوه، يعني عبدة العجل، وكادوا يقتلونه أي قاربوا. وقد دلت هذه الآية على أنه لمن خشي القتل على نفسه عند تغيير المنكر أن يسكت.
وقال ابن العربي: وفيها دليل على أن الغضب لا يغير الأحكام كما زعم بعض الناس، فإن موسى لم يغير غضبه شيئا من أفعاله، بل اطردت على مجراها، وقال المهدوي: لأن غضبه كان لله عز وجل وسكوته عن بني إسرائيل خوفا أن يتحاربوا ويتفرقوا.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 172