نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 147
المعاصي. وقال الفراء: تزعجهم إِلى المعاصي، وتغريهم بها. قال ابن فارس: يقال: أزَّه على كذا: إِذا أغراه به، وأزَّتْ القِدْر: غَلَتْ. قوله تعالى: فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ أي: لا تعجل بطلب عذابهم. وزعم بعضهم أن هذا منسوخ بآية السيف، وليس بصحيح، إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا في هذا المعدود ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه أنفاسهم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال طاوس، ومقاتل. والثاني: الأيام، والليالي، والشهور، والسنون، والساعات، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أنها أعمالهم، قاله قطرب.
[سورة مريم (19) : الآيات 85 الى 87]
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (86) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (87)
قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ قال بعضهم: هذا متعلّق بقوله تعالى: وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ وقال بعضهم: تقديره: اذكر لهم يوم نحشر المتقين، وهم الذين اتَّقَوْا الله بطاعته واجتناب معصيته. وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: «يَوم يحشُر» بياء مفتوحة ورفع الشين «ويَسُوق» بياء مفتوحة ورفع السين. وقرأ أُبيُّ بن كعب، والحسن البصريّ، ومعاذ القارئ، وأبو المتوكل الناجي: «يوم يُحشَر» بياء مرفوعة وفتح الشين «المتقون» رفعاً «ويُسَاق» بألف وياء مرفوعة «المجرمون» بالواو على الرفع. والوفد: جمع وافد، مثل: ركَبْ، ورَاكِب، وصَحْب، وصاحِب. قال ابن عباس، وعكرمة، والفراء: الوفد: الركبان. قال ابن الأنباري: الركبان عند العرب: ركَّاب الإِبل.
وفي زمان هذا الحشر قولان: أحدهما: أنه من قبورهم إِلى الرحمن، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والثاني: أنه بعد الحساب، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ يعني: الكافرين إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً قال ابن عباس، وأبو هريرة، والحسن: عِطَاشاً. قال أبو عبيدة: الوِرد: مصدر الورود. وقال ابن قتيبة: الوِرد: جماعة يَرِدون الماء، يعني: أنهم عطاش، لأنه لا يَرِد الماءَ إِلا العطشان. وقال ابن الأنباري: معنى قوله: «وِرْداً» : واردين.
قوله تعالى: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ أي: لا يشفعون، ولا يُشفَع لهم. قوله تعالى: إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً قال الزجاج: جائز أن يكون «مَن» في موضع رفع على البدل من الواو والنون، فيكون المعنى: لا يملك الشفاعة إِلا من اتخذ عند الرحمن عهداً وجائز أن يكون في موضع نصب على استثناءٍ ليس من الأول، فالمعنى: لا يملك الشفاعة المجرمون، ثم قال: «إِلا» على معنى «لكن» مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً فإنه يملك الشفاعة. والعهد ها هنا: توحيد الله والإِيمان به. وقال ابن الأنباري: تفسير العهد في اللغة: تقدمة أمر يُعْلَم ويُحْفَظ، من قولك: عهدت فلاناً في المكان، أي: عرفته، وشهدته.