نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 136
فاستأذن اللهَ في خُلَّته، فأذن له، فهبط إِليه في صورة آدمي، وكان يصحبه، فلما عرفه، قال: إِنِّي أسألك حاجة، قال: ما هي؟ قال: تذيقني الموت، فلعلِّي أعلم ما شدَّته فأكون له أشدّ استعداداً فأوحى الله إِليه أن اقبض روحه ساعةً ثم أَرْسِله، ففعل، ثم قال: كيف رأيتَ؟ قال: كان أشدَّ مما بلغني عنه، وإِني أُحب أن تريَني النار، قال: فحمله، فأراه إِيّاها قال: إِني أُحِبُّ أن تريَني الجنة، فأراه إِياها، فلما دخلها وطاف فيها، قال له ملك الموت: اخرج، فقال: والله لا أخرج حتى يكون الله تعالى يُخرجني فبعث الله مَلَكاً فحكم بينهما، فقال: ما تقول يا مَلَك الموت؟ فقصَّ عليه ما جرى فقال: ما تقول يا إِدريس؟ قال: إِن الله تعالى قال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [1] وقد ذُقْتُه، وقال: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها [2] ، وقد وردتُها، وقال لأهل الجنة: وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ [3] ، فو الله لا أخرج حتى يكون الله يُخرجني فسمع هاتفاً من فوقه يقول: باذني دخل وبأمري فعل فخلِّ سبيله هذا معنى ما رواه زيد بن أسلم مرفوعا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم.
فإن سأل سائل فقال: من أين لإِدريس هذه الآيات، وهي في كتابنا؟! فقد ذكر ابن الأنباري عن بعض العلماء، قال: كان الله تعالى قد أعلم إِدريس بما ذكر في القرآن من وجوب الورود، وامتناع الخروج من الجنة، وغير ذلك فقال ما قاله بعلم.
والثاني: أن ملَكاً من الملائكة استأذن ربه أن يهبط إِلى إِدريس، فأذن له، فلما عرفه إِدريس، قال: هل بينك وبين ملك الموت قرابة؟ قال: ذاك أخي من الملائكة، قال: هل تستطيع أن تنفعني عند ملك الموت؟ قال: سأكلِّمه فيك، فيرفق بك، اركب بين جناحيّ، فركب إِدريس، فصعد به إِلى السماء، فلقي ملك الموت، فقال: إِن لي إِليك حاجة، قال أعلم ما حاجتك، تكلِّمني في إِدريس وقد محي اسمه من الصحيفة ولم يبق من أَجَله إِلا نصف طرفة عين؟! فمات إدريس بين جناحي ملك، رواه عكرمة عن ابن عباس [4] وقال أبو صالح عن ابن عباس: فقبض ملك الموت روح إِدريس في السماء السادسة.
والثالث: أن إِدريس مشى يوماً في الشمس، فأصابه وهجها، فقال: اللهم خفِّف ثقلها عمَّن يحملها، يعني به الملك الموكَّل بالشمس، فلما أصبح الملك وجد من خفّة الشمس وحرّها ما لا يعرف، فسأل الله تعالى عن ذلك، فقال: إِن عبدي إِدريس سألني أن أُخفِّف عنكَ حِملها وحرَّها، فأجبْتُه، فقال: يا رب اجمع بيني وبينه، واجعل بيننا خلّة، فأذن له، فأتاه، فكان مما قاله إِدريس: اشفع لي إِلى ملك الموت ليؤخِّر أجَلي، فقال: إِن الله لا يؤخِّر نفساً إِذا جاء أَجَلُها، ولكن أُكلِّمه فيك، فما كان مستطيعاً أن يفعل بأحد من بني آدم فعل بك ثم حمله الملك على جناحه، فرفعه إِلى السماء، فوضعه عند مطلع الشمس، ثم أتى ملكَ الموت فقال: إِن لي إِليك حاجة صديق لي من بني آدم تشفَّعَ بي إِليك لتؤخِّر أجَلَه، قال: ليس ذاك إِليَّ، ولكن إِن أحببتَ أعلمتُه متى يموت، فنظر في ديوانه، [1] سورة آل عمران: 185. [2] سورة مريم: 71. [3] سورة الحجر: 48. [4] هذه الآثار مصدرها كتب الأقدمين، لا حجة في شيء منها.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 136