نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 469
قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا فيه ثلاثة أقوال: أحدها: بخير الدنيا والآخرة. والثاني: بالجمع بعد الفرقة.
والثالث: بالسلامة ثم بالكرامة.
قوله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ قرأ ابن كثير في رواية قنبل: «من يتقي ويصبر» بياء في الوصل والوقف، وقرأ الباقون بغير ياء في الحالين. وفي معنى الكلام أربعة أقوال: أحدها: من يتق الزنى ويصبر على البلاء. والثاني: من يتّق الزّنى ويصبر على العزوبة. والثالث: من يتق الله ويصبر على المصائب، رويت هذه الأقوال عن ابن عباس. والرابع: من يتق معصية الله ويصبر على السجن، قاله مجاهد.
قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ أي: أجر مَنْ كان هذا حاله.
قوله تعالى: لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا أي: اختارك وفضَّلك. وبماذا عنوا أنه فضَّله فيه؟ أربعة أقوال: أحدها: بالملك، قاله الضحاك عن ابن عباس. والثاني: بالصبر، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: بالحلم والصفح عنا، ذكره أبو سليمان الدمشقي. والرابع: بالعلم والعقل والحسن وسائر الفضائل التي أعطاه.
قوله تعالى: وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قال ابن عباس: لمذنبين آثمين في أمرك. قال ابن الأنباري:
ولهذا اختير «خاطئين» على «مخطئين» ، وإِن كان «أخطأ» على ألسن الناس أكثر من «خطئ يخطأ» لأنّ معنى خطئ يخطأ، فهو خاطئ: آثم، ومعنى أخطأ يخطئ، فهو مخطئ: ترك الصواب ولم يأثم، قال الشاعر:
عِبَادُكَ يخطئون وَأَنْتَ رَبٌّ ... بِكَفَّيْكَ المَنَايَا والحُتُومُ «1»
أراد: يأثمون. قال: ويجوز أن يكون آثر «خاطئين» على «مخطئين» لموافقة رؤوس الآيات، لأن «خاطئين» أشبه بما قبلها. وذكر الفراء في معنى «إِن» قولين:
أحدهما: وقد كنا خاطئين. والثاني: وما كنا إِلا خاطئين.
قوله تعالى: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ قال أبو صالح عن ابن عباس: لا أعيِّركم بعد اليوم بهذا أبداً. قال ابن الأنباري: إِنما أشار إِلى ذلك اليوم، لأنه أول أوقات العفو، وسبيل العافي في مثله أن لا يراجع عقوبة. وقال ثعلب: قد ثرَّب فلان على فلان: إِذا عدَّد عليه ذنوبه. وقال ابن قتيبة: لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم بما صنعتم، وأصل التثريب: الإِفساد، يقال: ثرَّب علينا: إِذا أفسد. وفي الحديث:
(820) «إِذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحدَّ، ولا يثرِّب» أي: لا يعيِّرها بالزّنى. قال ابن عباس:
صحيح. أخرجه البخاري 2152- 2234- 6839، ومسلم 30- 31- 1703 وأبو داود 4470 و 4471، من طريق سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه. ولفظ الحديث بتمامه في البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا زنت الأمة فتبين زناها، فليجلدها ولا يثرّب، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرّب، ثم إن زنت الثالثة، فليبعها ولو بحبل من شعر» وسيأتي ذكره في سورة النور.
(1) ذكره ابن منظور في «اللسان» وقال: الحتم: القضاء، وجمعه حتوم.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 469