نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 347
قوله تعالى: حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ قال ابن عباس: هو الغرق، وكان موسى يدعو، وهارون يؤمِّن، فقال الله تعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما وكان بين الدعاء والإِجابة أربعون سنة.
فان قيل: كيف قال: دَعْوَتُكُما وهما دعوتان؟ فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن الدعوة تقع على دعوتين وعلى دَعَواتٍ وكلامٍ يطول كما بيّنّا في سورة الأعراف [1] أن الكلمة تقع على كلمات، قال الشاعر [2] :
وكان دعا دعوةً قومَه ... هلمَّ إِلى أمركم قد صُرِم
فأوقع «دعوة» على ألفاظ بيَّنها آخر بيته. والثاني: أن يكون المعنى: قد أُجيبت دعواتكما، فاكتفى بالواحد من ذِكر الجميع، ذكر الجوابين ابن الأنباري. وقد روى حماد بن سلمة عن عاصم أنه قرأ:
«دَعَواتُكما» بالألف وفتح العين. والثالث: أن موسى هو الذي دعا، فالدعوة له، غير أنه لما أمَّن هارون، أُشرك بينهما في الدعوة، لأنّ التّأمين على الدّعوة منهما.
وفي قوله تعالى: فَاسْتَقِيما أَربعة أقوال: أحدها: فاستقيما على الرسالة وما أمرتكما به، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: فاستقيما على دعاء فرعون وقومه إِلى طاعة الله، قاله ابن جرير.
والثالث: فاستقيما في دعائكما على فرعون وقومه. والرابع: فاستقيما على ديني، ذكرهما أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: وَلا تَتَّبِعانِّ قرأ الأكثرون بتشديد تاء «تتَّبعانِّ» . وقرأ ابن عامر بتخفيفها مع الاتفاق على تشديد نون «تَتَّبعانّ» إِلا أنّ في بعض الرّوايات عن ابن عامر تخفيف. قال الزّجّاج: موضع «تتبعان» جزم، إِلا أن النون الشديدة دخلت للنهي مؤكِّدة، وكسرت لسكونها ولسكون النون التي قبلها، واختير لها الكسر لأنها بعد الألف، فشُبهت بنون الاثنين. قال أبو علي: ومن خفض النون أمكن أن يكون خفف النون الثقيلة، فإن شئت كان على لفظ الخبر، والمعنى الأمر، كقوله: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ [3] ولا تُضَارَّ والِدَةٌ [4] أي: لا ينبغي ذلك، وإِن شئت جعلته حالاً من قوله: فَاسْتَقِيما تقديره:
استقيما غير متَّبِعَين. وفي المراد بسبيل الذين لا يعلمون قولان: أحدهما: أنهم فرعون وقومه، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: الذين يستعجلون القضاء قبل مجيئه ذكره أبو سليمان الدمشقي.
فإن قيل: كيف جاز أن يدعوَ موسى على قومه؟
فالجواب: أن بعضهم يقول: كان ذلك بوحي، وهو قول صحيح، لأنه لا يُظن بنبيّ أن يُقدِم على مثل ذلك إلّا عن إذن من الله عزّ وجلّ، لأن دعاءه سبب للانتقام.
قوله تعالى: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ قال أبو عبيدة: أتبعهم وتبعهم سواء. وقال ابن قتيبة:
أتبعهم لحقهم. بَغْياً وَعَدْواً أي: ظلماً. وقرأ الحسن «فاتَّبعهم» بالتشديد، وكذلك شددوا «وعُدُوّاً» مع ضم العين. قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ قرأ ابن كثير ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر «أنه» بفتح الألف، والمعنى: آمنت بأنه، فلما حُذف حرف الجر، وصل الفعل [1] الآية 158. [2] البيت للأعشى كما في ديوانه/ 43. وفي «اللسان» صرم: من الصريمة وهي العزيمة على الشيء وقطع الأمر. [3] سورة البقرة: 228. [4] سورة البقرة: 233.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 347