نام کتاب : روح البيان نویسنده : إسماعيل حقي جلد : 8 صفحه : 82
بمعزل عن ذلك قيل قضية اللب الاتعاظ بالآيات ومن لم يتعظ فكأنه لالب له ومثله مثل البهائم وفى المفردات اللب العقل الخالص من الشوائب وسمى بذلك لكونه خالص ما فى الإنسان من قواه كاللباب من الشيء وقيل هو ما زكا من العقل فكل لب عقل وليس كل عقل لبا ولذا علق الله تعالى الاحكام التي لا تدركها الا العقول الزكية باولى الألباب نحو قوله (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) ونحو ذلك من الآيات انتهى وفى التأويلات النجمية (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) قدر جوار الله وقربته ويختارونه على الجنة ونعيمها (وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) قدره (إِنَّما يَتَذَكَّرُ) حقيقة هذا المعنى (أُولُوا الْأَلْبابِ) وهم الذين انسلخوا من جلد وجودهم بالكلية وقد ماتوا عن انانيتهم وعاشوا بهويته انتهى وفى الآية بيان لفضل العلم وتحقير للعلماء الغير العاملين فهم عند الله جهلة حيث جعل القانتين هم العلماء قال الشيخ السهروردي فى عوارف المعارف ارباب الهمة اهل العلم الذين حكم الله تعالى لهم بالعلم فى قوله تعالى (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) الى قوله (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي) إلخ حكم لهؤلاء الذين قاموا بالليل بالعلم فهم لموضع علمهم ازعجوا النفوس عن مقار طبيعتها ورقوها بالنظر الى اللذات الروحانية الى ذرى حقيقتها فتجافت جنوبهم عن المضاجع وخرجوا من صفة الغافل الهاجع انتهى وفى الحديث (يشفع يوم القيامة ثلاث الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) وقال ابن عباس رضى الله عنهما خير سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فاعطى المال والملك- وفى الخبر- ان الله تعالى أرسل جبرائيل الى آدم عليهما السلام بالعقل والحياء والايمان فخيره بينهن فاختار العقل فتبعاه وفى بعض الروايات أرسل بالعلم والحياء والعقل فاستقر العلم فى القلب والحياء فى العين والعقل فى الدماغ وفى الحديث (من أحب ان ينظر الى عتقاء الله من النار فلينظر الى المتعلمين فو الذي نفسى بيده ما من متعلم يختلف الى باب العلم الا كتب الله له بكل قدم عبادة سنة وبنى له بكل قدم مدينة فى الجنة ويمشى على الأرض تستغفر له ويستغفر له كل من يمشى على الأرض ويمسى ويصبح مغفور الذنب وشهدت الملائكة هؤلاء عتقاء الله من النار) وذكر ان شرف العلم فوق شرف النسب ولذا قيل ان عائشة رضى الله عنها أفضل من فاطمة رضى الله عنها ولعله المراد بقول الأمالي
وللصدّيقة الرجحان فاعلم ... على الزهراء فى بعض الخصال
لان النبي عليه السلام قال (خذوا ثلثى دينكم من عائشة) واما اكثر الخصال فالرجحان للزهراء على الصدّيقة كما دل عليه قوله عليه السلام (كمل من الرجال كثير
ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) وفى الحديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم) قال فى الاحياء اختلف الناس فى العلم الذي هو فرض على كل مسلم فقال المتكلمون هو علم الكلام إذ به يدرك التوحيد ويعلم ذات الله وصفاته وقال الفقهاء هو علم الفقه إذ به يعرف العبادات والحلال والحرام وقال المفسرون والمحدثون هو علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل العلوم كلها وقال المتصوفة هو علم التصوّف إذ به يعرف العبد مقامه من الله تعالى. وحاصله ان كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده قوله (على كل مسلم)
نام کتاب : روح البيان نویسنده : إسماعيل حقي جلد : 8 صفحه : 82