{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ} مَسْجِد {وُضِعَ لِلنَّاسِ} بني للْمُؤْمِنين {لَلَّذِي بِبَكَّةَ} يَقُول الَّذِي هُوَ ببكة وبكة هُوَ مَوضِع الْكَعْبَة وَإِنَّمَا سمي بكة لِأَن النَّاس يَبْكُونَ بَعضهم على بعض من الزحام فِي الطوف {مُبَارَكاً} يَعْنِي مَوضِع الْكَعْبَة فِيهِ الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة {وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} قبْلَة لكل نَبِي وَرَسُول وصديق وَمُؤمن
فَقَالَ الله {فَمَنِ افترى} اختلق {عَلَى الله الْكَذِب مِن بَعْدِ ذَلِكَ} من بعد الْبَيَان فِي التَّوْرَاة أَنهم كاذبون {فَأُولَئِك هُمُ الظَّالِمُونَ} الْكَافِرُونَ الْكَاذِبُونَ على الله
{كُلُّ الطَّعَام كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ} كل طَعَام حَلَال الْيَوْم على مُحَمَّد وَأمته كَانَ حَلَالا على بني إِسْرَائِيل أَوْلَاد يَعْقُوب {إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ} يَعْقُوب {على نَفْسِهِ} بِالنذرِ {مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاة} من قبل نزُول التَّوْرَاة على مُوسَى حرم يَعْقُوب لحم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا على نَفسه فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُود فَقَالَ مَا الَّذِي حرم إِسْرَائِيل على نَفسه من الطَّعَام فَقَالُوا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه شَيْئا من الطَّعَام وكل مَا هُوَ الْيَوْم حرَام علينا من نَحْو لحم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا وشحوم الْبَقر وَالْغنم وَغير ذَلِك كَانَ حَرَامًا على كل نَبِي من آدم إِلَى مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِم وتستحلونه أَنْتُم وَادعوا تَحْرِيم ذَلِك فِي التَّوْرَاة فَقَالَ الله لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل} لَهُم {فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها} فاقرءوا تَحْرِيم مَا ادعيتم فِيهَا {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} فِيمَا تدعون فَلم يَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ وَعَلمُوا أَنهم كَانُوا كاذبين لَيْسَ فِيهَا مَا يَقُولُونَ
ثمَّ حث الْمُؤمنِينَ على النَّفَقَة فِي سَبِيل الله فَقَالَ {لَن تَنَالُواْ الْبر} يَعْنِي مَا عِنْد الله من الثَّوَاب والكرامة وَالْجنَّة حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون من المَال وَيُقَال لن تنالوا الْبر لن تبلغوا إِلَى التَّوَكُّل وَالتَّقوى {حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ} شَيْئا من المَال {فَإِنَّ الله بِهِ} وبنياتكم {عَلِيمٌ} يَقُول أَي شَيْء تُرِيدُونَ بِهِ وَجه الله أَو مِدْحَة النَّاس