ثمَّ بَين قدرته فَقَالَ {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار} يَقُول تزيد النَّهَار على اللَّيْل فَيكون النَّهَار أطول من اللَّيْل {وَتُولِجُ النَّهَار فِي اللَّيْل} يَقُول تزيد اللَّيْل على النَّهَار فَيكون اللَّيْل أطول من النَّهَار {وَتُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيِّت} يَقُول تخرج النَّسمَة من النُّطْفَة {وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} النُّطْفَة من الْإِنْسَان وَيُقَال تخرج الْحَيّ الدَّجَاجَة من الْمَيِّت من الْبَيْضَة وَتخرج الْمَيِّت الْبَيْضَة من الْحَيّ من الدَّجَاجَة وَيَقُول وَتخرج الْحَيّ السنبلة من الْمَيِّت من الْحبَّة وَتخرج الْمَيِّت الْحبَّة من الْحَيّ من السنبلة {وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} بِلَا قُوَّة وَلَا هنداز وَلَا منَّة وَيُقَال توسع المَال على من تشَاء بِلَا حرج وتكليف
{يَوْمَ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً} مَكْتُوبًا فِي ديوانها {وَمَا عملت من سوء}
{قُلْ} يَا مُحَمَّد {إِن تُخْفُوا} تسروا {مَا فِي صُدُورِكُمْ} مَا فِي قُلُوبكُمْ من البغض والعداوة لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَوْ تُبْدُوهُ} تظهروه بالشتم والطعن وَالْحَرب {يَعْلَمْهُ الله} يحفظه الله عَلَيْكُم ويجزكم بذلك {وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} من الْخَيْر وَالشَّر والسرر وَالْعَلَانِيَة {وَالله على كُلِّ شَيْءٍ} من أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض وثوابهم وعقابهم {قَدِيرٌ} نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُنَافِقين وَالْيَهُود
{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ} يَقُول لَا يَنْبَغِي أَن تتَّخذ الْمُؤْمِنُونَ عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه {الْكَافرين} الْيَهُود {أَوْلِيَآءَ} فِي التعزز والكرامة {مِن دُونِ الْمُؤمنِينَ} المخلصين {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِك} للولاية والكرامة {فَلَيْسَ مِنَ الله} من كَرَامَة الله وَرَحمته وذمته {فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ} تُرِيدُونَ أَن تنجوا {مِنْهُمْ تُقَاةً} نجاة بِاللِّسَانِ دون الْقلب {وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} فِي تقية من دم الْحَرَام وَفرج الْحَرَام وَمَال الْحَرَام وَشرب الْخمر وَشَهَادَة الزُّور والشرك بِاللَّه {وَإِلَى الله الْمصير} الْمرجع بعد الْمَوْت
{فَكَيْفَ} يصنعون يَا مُحَمَّد {إِذَا جَمَعْنَاهُمْ} بعد الْمَوْت {لِيَوْمٍ} فِي يَوْم {لاَّ رَيْبَ فِيهِ} لَا شكّ فِيهِ {وَوُفِّيَتْ} وفرت {كُلُّ نَفْسٍ} برة وفاجرة {مَّا كَسَبَتْ} مَا عملت من خير أَو شَرّ {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} لَا ينقص من حسناتهم وَلَا يزدْ على سيئاتهم
{ذَلِك} الْإِعْرَاض والتكذيب وَالْعَذَاب {بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّار} لن تصيبنا النَّار فِي الْآخِرَة {إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} قدر أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ قوم من الْيَهُود لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات وَهِي سَبْعَة أَيَّام من أَيَّام الْآخِرَة كل يَوْم ألف سنة الَّتِي عبد آباؤهم الْعجل فِيهَا {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ} يَعْنِي ثباتهم على دين الْيَهُودِيَّة {مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} الترؤهم هَذَا وَيُقَال تَأْخِير الْعَذَاب
ثمَّ ذكر إِعْرَاض بني قُرَيْظَة وَالنضير من أهل خَيْبَر عَن الرَّجْم فَقَالَ {أَلَمْ تَرَ} ألم تنظر يَا مُحَمَّد {إِلَى الَّذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكتاب} أعْطوا علما بِمَا فِي التَّوْرَاة من الرَّجْم وَغَيره {يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ الله} الْقُرْآن {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} بِالرَّجمِ كَمَا فِي كِتَابهمْ على الْمُحصن والمحصنة اللَّذين زَنَيَا فِي خَيْبَر {ثُمَّ يتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ} يعرض طَائِفَة مِنْهُم بَنو قُرَيْظَة وَأهل خَيْبَر عَن الحكم {وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} مكذبون بذلك
{فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} يَعْنِي لَا يثابون بهَا فِي الْآخِرَة {وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} من مانعين من عَذَاب الله
{قُلِ اللَّهُمَّ} قل يَا الله أم بِنَا أَي اقصد بِنَا إِلَى الْخَيْر {مَالِكَ الْملك} يَا مَالك الْمُلُوك وَالْملك {تُؤْتِي الْملك مَن تَشَآءُ} تُعْطِي الْملك من تشَاء يَعْنِي مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه {وَتَنزِعُ الْملك مِمَّنْ تَشَآءُ} تَأْخُذ الْملك مِمَّن تشَاء من أهل فَارس وَالروم {وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ} يَعْنِي مُحَمَّدًا {وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} يَعْنِي عبد الله بن أبي ابْن سلول وَأَصْحَابه وَأهل فَارس وَالروم {بِيَدِكَ الْخَيْر} الْعِزّ والذل وَالْملك وَالْغنيمَة والنصرة والدولة {إِنَّكَ على كُلِّ شَيْء} من الْعِزّ والذل وَالْملك وَالْغنيمَة والنصرة والدولة {قَدِيرٌ} نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله ابْن أبي ابْن سلول الْمُنَافِق فِي قَوْله بعد فتح مَكَّة من أَيْن يكون لَهُم ملك فَارس وَالروم وَيُقَال نزلت فِي قُرَيْش لقَولهم كسْرَى ينَام على فرش الديباج فَإِن كنت نَبيا فَأَيْنَ ملكك