responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 95
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ التَّقْوِيمَ يَكُونُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الصَّيْدُ، وَقِيلَ: بَلْ يَقُومُ بِمَكَّةَ حَيْثُ تَكُونُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى أَنَّ الْمُخَيَّرَ بَيْنَهُمَا هُوَ قَاتِلُ الصَّيْدِ، وَقِيلَ: بَلِ التَّخْيِيرُ لِلْحَكَمَيْنِ، وَحَكَى هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَكَانِ الْإِطْعَامِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَكَانُهُ مَكَانُ الْهَدِيِ أَيْ مَكَّةَ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ.
(لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِإِيجَابِ الْجَزَاءِ، وَفُسِّرَ الْوَبَالُ بِسُوءِ الْعَاقِبَةِ هُوَ مِنَ الْوَبْلِ وَالْوَابِلُ الَّذِي هُوَ الْمَطَرُ الثَّقِيلُ، قَالَ الرَّاغِبُ: وَلِمُرَاعَاةِ الثِّقَلِ، قِيلَ لِلْأَمْرِ الَّذِي يُخَافُ ضَرَرُهُ وَبَالٌ، وَيُقَالُ: طَعَامٌ وَبِيلٌ، وَالذَّوْقُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِدْرَاكِ الْعَامِّ، غَيْرُ خَاصٍّ بِإِدْرَاكِ اللِّسَانِ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْقُرْآنُ فِي إِدْرَاكِ أَلَمِ الْعَذَابِ
وَالْوَبَالِ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي إِدْرَاكِ الطُّعُومِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ) (7: 22) وَفِي قَوْلِهِ: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا) (78: 24، 25) وَكُلُّ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا يُكْرَهُ وَيُذَمُّ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْجَزَاءَ وَالْعُقُوبَةَ مِنْ أَثْقَلِ الْأَشْيَاءِ وَأَشَقِّهَا عَلَى النَّاسِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَالِيَّةً أَوْ بَدَنِيَّةً.
(عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) أَيْ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ تَعَالَى بِمَا سَلَفَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ أَوْ قَبْلَ الْجَزَاءِ، وَقِيلَ: عَمَّا سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَيُطَهِّرُ نَفْسَ صَاحِبِهِ مِنَ الْأَدْرَانِ السَّابِقَةِ، فَلَا يُبْقِي لَهَا أَثَرًا فِي النَّفْسِ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةٌ.
(وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) أَيْ وَمَنْ عَادَ إِلَى قَتْلِ الصَّيْدِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ وَإِيجَابِ الْجَزَاءِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ عَادَ إِلَى قَتْلِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ أَنْ كَفَّرَ عَنْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَإِنَّ اللهَ يَنْتَقِمُ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ الْجَزَاءَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَزْجُرْهُ عَنِ الْإِصْرَارِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ " وَاللهُ عَزِيزٌ " أَيْ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ فَلَا يَغْلِبُهُ الْعَاصِي، " ذُو انْتِقَامٍ " مِمَّنْ أَصَرَّ عَلَى الذَّنْبِ، وَالِانْتِقَامُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْعُقُوبَةِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ الْجَزَاءَ فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا يَمْنَعُ الْعِقَابَ فِي الْآخِرَةِ إِذَا لَمْ يَتَكَرَّرِ الذَّنْبُ، فَإِنْ تَكَرَّرَ اسْتَحَقَّ صَاحِبُهُ الْجَزَاءَ فِي الدُّنْيَا وَالْعِقَابَ فِي الْآخِرَةِ، بِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ، رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ أَنَّ الِانْتِقَامَ هُنَا هُوَ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ خَطَأً وَهُوَ مُحْرِمٌ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ كُلَّمَا قَتَلَهُ، فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا يُحْكَمُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنْ عَادَ يُقَالُ لَهُ: يَنْتَقِمُ اللهُ مِنْكَ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ عُقُوبَتَا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَبِهَذَا قَالَ شُرَيْحٌ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخْعِيُّ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست