responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 521
وَلَئِنْ كَانَ كَاذِبًا لَقَدْ قُلْتُ كَمَا قَالَ. وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ. وَيُقَالُ فِيهَا مِثْلُ مَا قِيلَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ حَيْثُ التَّارِيخِ، فَالْمَرْوِيُّ أَنَّ الْأَنْعَامَ نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ " الْمُؤْمِنُونَ " وَأَنَّ بَيْنَهُمَا 18 سُورَةً مَكِّيَّةً، وَمَا قِيلَ مِنِ احْتِمَالِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْمَدِينَةِ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ وَالرِّوَايَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَلَكِنْ ذَكَرُوا فِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) قَالَ ذَلِكَ، فَكَانَ مِمَّا وَافَقَ فِيهِ خَاطِرُهُ الْقُرْآنَ، وَهُوَ جَائِزٌ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْكَشْفِ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْهُ عُلَمَاءُ النَّفْسِ الْيَوْمَ بِقِرَاءَةِ الْخَوَاطِرِ. وَرَوَوْا مِثْلَهُ أَيْضًا عَنْ مُعَاذٍ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ مُعَاذٌ فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ نُزُولِ السُّورَةِ. وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدٍ لَمَّا ارْتَدَّ كَانَ يَطْعَنُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَعَلَّهُ قَالَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فِي الرِّوَايَاتِ عَنْهُ كَذِبًا وَافْتِرَاءً ; فَإِنَّ السُّوَرَ الَّتِي نَزَلَتْ فِي عَهْدِ كِتَابَتِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ كَمَا عَلِمْتَ. وَقَدْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ فِي الْقُرْآنِ تَصَرُّفًا أَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَكَّ فِي الْوَحْيِ لِأَجْلِهِ لَمَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى وَعِيدَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يُعَدُّ مَنْ وُصِفُوا فِي الْآيَةِ أَشَدَّهُمْ ظُلْمًا وَأَفْحَشَهُمْ جُرْمًا فَقَالَ: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ) إِلَخْ. الْخِطَابُ لِلرَّسُولِ ثُمَّ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَوْ قَرَأَهُ، وَجَوَابُ " لَوْ " مَحْذُوفٌ لِلتَّهْوِيلِ، وَالْغَمَرَاتُ جَمْعُ غَمْرَةٍ. قِيلَ: هِيَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الْمَرَّةُ مِنْ غَمَرَهُ الْمَاءُ إِذَا غَطَّاهُ، ثُمَّ اسْتُعِيرَتْ لِلشِّدَّةِ وَعَلَيْهِ الشِّهَابُ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: أَصْلُ الْغَمْرِ إِزَالَةُ أَثَرِ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَاءِ الْكَثِيرِ الَّذِي يُزِيلُ أَثَرَ سَيْلِهِ غَمْرٌ وَغَامِرٌ، وَالْغَمْرَةُ مُعْظَمُ الْمَاءِ السَّاتِرَةُ لِمَقَرِّهَا وَجُعِلَ مَثَلًا لِلْجَهَالَةِ الَّتِي تَغْمُرُ صَاحِبَهَا، وَقِيلَ: لِلشَّدَائِدِ غَمَرَاتٌ انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَالْمَعْنَى لَوْ تُبْصِرُ أَوْ تَعْلَمُ إِذْ يَكُونُ الظَّالِمُونَ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْآيَةِ أَوْ جِنْسُ
الظَّالِمِينَ الشَّامِلُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ، وَهِيَ سَكَرَاتُهُ وَمَا يَتَقَدَّمُهُ مِنْ شَدَائِدِ الْآلَامِ الْبَدَنِيَّةِ أَوِ النَّفْسِيَّةِ أَوْ مَجْمُوعِهِمَا الَّتِي تُحِيطُ بِهِمْ كَمَا تُحِيطُ غَمَرَاتُ الْمَاءِ بِالْغَرْقَى (وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ) إِلَيْهِمْ بِالْعَذَابِ يَوْمَ الْبَعْثِ، أَوْ بَاسِطُوهَا لِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمُ الْخَبِيثَةِ بِالْعُنْفِ وَالضَّرْبِ، كَمَا قَالَ: (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) 47: 27 وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَدِ اسْتُعْمِلَ بَسْطُ الْيَدِ بِمَعْنَى الْإِيذَاءِ الْمُطْلَقِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) 5: 11 فَإِنَّ أَكْثَرَ الْإِيذَاءِ الْعَمَلِيِّ يَكُونُ بِمَدِ الْيَدِ، فَإِنْ أُرِيدَ إِيذَاءٌ مُعَيَّنٌ ذُكِرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً فِي قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ: (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي) 5: 28 الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ) حِكَايَةً لِقَوْلِ الْمَلَائِكَةِ لَهُمْ عِنْدَ بَسْطِ أَيْدِيهِمْ لِتَعْذِيبِهِمْ أَوْ لِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ، وَمَعْنَاهُ أَخْرِجُوهَا مِمَّا هِيَ فِيهِ أَيْ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ - فَهُوَ أَمْرُ تَوْبِيخٍ وَتَهَكُّمٍ، أَوْ أَخْرِجُوهَا مِنْ أَبْدَانِكُمْ، قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: إِنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ لِفِعْلِ الْمَلَائِكَةِ فِي قَبْضِ أَرْوَاحِ الظَّلَمَةِ بِفِعْلِ الْغَرِيمِ الْمُلِحِّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 521
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست