responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 513
الْقُرَّاءِ بَلِ اكْتَفَى بِتَرْجِيحِ الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى، فَكُلٌّ مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهٍ، وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنِ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ مِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ بِأَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْيَهُودَ أَصْحَابُ التَّوْرَاةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَيَأْتِي الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، فَيُجِيبُونَ عَنْ إِشْكَالِ
ابْنِ جَرِيرٍ الْأَوَّلِ - وَهُوَ نُزُولُ السُّورَةِ فِي مَكَّةَ وَكَوْنِ السِّيَاقِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فِي مُحَاجَّةِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ - بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمَدَنِيَّةِ، وَأُدْخِلَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِتَكُونَ مُقَدِّمَةً لِلْكَلَامِ فِي بَحْثِ الرِّسَالَةِ بَعْدَ بَحْثِ التَّوْحِيدِ، وَفِيهِ - كَمَا قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي سَابِقِ الْكَلَامِ ذِكْرٌ لِلْيَهُودِ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَأَجَابُوا عَنْ إِشْكَالِهِ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُ الْيَهُودِ يُقِرُّونَ بِالْوَحْيِ وَلَا يُنْكِرُونَهُ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا) أَنَّ هَذَا إِنْكَارٌ مُطْلَقٌ أُرِيدَ بِهِ الْمُقَيَّدُ، وَقَدْ بَنَى الرَّازِيُّ هَذَا الْجَوَابَ عَلَى قِصَّةِ مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي الْمَأْثُورِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - وَعَزَاهَا الرَّازِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - وَهِيَ أَنَّهُ كَانَ سَمِينًا وَهُوَ مِنْ أَحْبَارِهِمْ فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَحْلَفَهُ " هَلْ يَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْحَبْرَ السَّمِينَ؟ " فَقَالَ الْكَلِمَةَ. قَالَ الرَّازِيُّ وَمُرَادُهُ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ فِي أَنَّهُ يُبْغِضُ الْحَبْرَ السَّمِينَ. (ثَانِيهَا) أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ مُبَالَغَةً، وَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوهُ عَنْ قَوْلِهِ هَذَا فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَغْضَبَهُ فَقَالَ ذَلِكَ، أَيْ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ الْمُدْهِشِ لِلْعَقْلِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ طُغْيَانِ اللِّسَانِ. (ثَالِثُهَا) أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ، أَيْ سِفْرًا مَخْطُوطًا - كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - وَهُوَ مِنْ تَحْرِيفِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْوَحْيَ الَّذِي يُنْزِلُهُ اللهُ لِيُكْتَبَ يُسَمَّى كِتَابًا قَبْلَ كِتَابَتِهِ تَجَوُّزًا وَبَعْدَهَا حَقِيقَةً. (رَابِعُهَا) أَنَّ مُرَادَهُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ مِنْ شَيْءٍ - كَمَا رُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ - فَذَكَرَ الْعَامَّ وَأَوْرَدَ الْخَاصَّ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ " يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ " إِلَخْ. فَلَا تُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنَ التَّفْسِيرِ فَيُحْتَاجَ إِلَى الْجَوَابِ عَنْهَا كَمَا تُشْكِلُ قِرَاءَةُ " تَجْعَلُونَهُ " عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ.
هَذَا مَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ فِي تَوْجِيهِ الْقِرَاءَتَيْنِ وَفِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ مَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سِيَاقِ مِثْلِ هَذَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ أَوَّلُهُ (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ) 20 أَنَّ قُرَيْشًا أَرْسَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ مَنْ يَسْأَلُ الْيَهُودَ عَنْ رِسَالَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْكَرُوا مَعْرِفَتَهُ، وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ أَنَّ قُرَيْشًا بَعَثَتِ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى أَحْبَارِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ - وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا وَفْدًا مِنْهُمْ هَذَانَ الزَّعِيمَانِ لِلْكُفْرِ - فَقَالُوا لَهُمْ: سَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ وَصِفُوا لَهُمْ صِفَتَهُ وَأَخْبِرُوهُمْ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَعِنْدَهُمْ عِلْمُ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ، فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا الْمَدِينَةَ فَسَأَلَا أَحْبَارَ يَهُودَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَصَفَا لَهُمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 513
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست