responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 51
مَعَهُمْ كَالْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ، وَالْخُلَطَاءِ وَالْعُشَرَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ الْآيَاتِ بَعْضُ الشَّوَاهِدِ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْ أَغْرَبِ أَخْبَارِ شُذُوذِ السُّكْرِ الَّذِي يُفْضِي مِثْلُهُ عَادَةً إِلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْهَرْجِ وَالْقِتَالِ، حَدِيثُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ مَعَ عَمِّهِ حَمْزَةَ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا) وَمُلَخَّصُهُ " أَنَّهُ كَانَ لَهُ شَارِفَانِ (نَاقَتَانِ مُسِنَّتَانِ) أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ عَلَيْهِمَا الْإِذْخِرَ (نَبَاتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ) مَعَ صَائِغٍ يَهُودِيٍّ وَيَبِيعَهُ لِلصَّوَّاغِينَ لِيَسْتَعِينَ بِثَمَنِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ عِنْدَ إِرَادَةِ الْبِنَاءِ بِهَا، وَكَانَ عَمُّهُ حَمْزَةُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ مَعَ بَعْضِ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ قَيْنَةٌ تُغَنِّيهِ فَأَنْشَدَتْ شِعْرًا حَثَّتْهُ بِهِ عَلَى نَحْرِ النَّاقَتَيْنِ وَأَخْذِ أَطَايِبِهِمَا لِيَأْكُلَ مِنْهَا الشَّرَبَ، فَثَارَ حَمْزَةُ وَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ ذَلِكَ تَأَلَّمَ، وَلَمْ يَمْلِكْ عَيْنَيْهِ وَشَكَا حَمْزَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ عَلَى حَمْزَةَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَطَفِقَ يَلُومُهُ، وَكَانَ حَمْزَةُ ثَمِلًا قَدِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي؟ فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ " وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَوْلَا حِلْمُ الرَّسُولِ وَعِصْمَتُهُ وَعَقْلُهُ وَأَدَبُ عَلِيٍّ وَفَضْلُهُ، وَبَلَاءُ حَمْزَةَ فِي إِقَامَةِ الْإِسْلَامِ وَقُرْبُهُ لَمَا وَقَفَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ عِنْدَ الْحَدِّ الَّذِي وَقَفَتْ عِنْدَهُ.
وَإِنَّ حَوَادِثَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ الَّتِي يُثِيرُهَا السُّكْرُ وَمَا يَنْشَأُ عَنْهَا مِنَ الْقَتْلِ وَالضَّرْبِ وَالْعُدْوَانِ وَالسَّلْبِ، وَالْفِسْقِ وَالْفُحْشِ، وَمِنْ إِفْشَاءِ الْأَسْرَارِ، وَهَتْكِ الْأَسْتَارِ، وَخِيَانَةِ الْحُكُومَاتِ وَالْأَوْطَانِ، قَدْ سَارَتْ بِأَخْبَارِهَا الرُّكْبَانُ، وَمَا زَالَتْ حَدِيثَ النَّاسِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
وَأَمَّا الْمَيْسِرُ فَهُوَ مَثَارٌ لِلْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ أَيْضًا وَلَكِنْ بَيْنَ الْمُتَقَامِرِينَ، فَإِنْ تَعَدَّاهُمْ فَإِلَى الشَّامِتِينَ وَالْعَائِبِينَ، وَمَنْ تَضِيعُ عَلَيْهِمْ حُقُوقُهُمْ مِنَ الدَّائِنِينَ وَغَيْرِ الدَّائِنِينَ، وَإِنَّ
الْمُقَامِرَ لَيُفَرِّطُ فِي حُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْوَلَدِ، حَتَّى يُوشِكَ أَنْ يَمْقُتَهُ كُلُّ أَحَدٍ.
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: وَأَمَّا الْمَيْسِرُ فَفِيهِ بِإِزَاءِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ الْإِجْحَافُ بِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، لِأَنَّ مَنْ صَارَ مَغْلُوبًا فِي الْقِمَارِ مَرَّةً دَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى اللَّجَاجِ فِيهِ عَنْ رَجَاءِ أَنَّهُ رُبَّمَا صَارَ غَالِبًا فِيهِ، وَقَدْ يَتَّفِقُ أَلَّا يَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ إِلَى أَلَّا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَالِ، وَإِلَى أَنْ يُقَامِرَ عَلَى لِحْيَتِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ! ! وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ فَقِيرًا مِسْكِينًا وَيَصِيرُ مِنْ أَعْدَى الْأَعْدَاءِ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا غَالِبِينَ لَهُ، اهـ.
وَأَمَّا كَوْنُ كُلٍّ مِنَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَفْسَدَتُهَا الدِّينِيَّةُ فَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ كَوْنِهِمَا مَثَارًا لِلْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَهُوَ مَفْسَدَتُهَا الِاجْتِمَاعِيَّةُ لِأَنَّ كُلَّ سَكْرَةٍ مِنْ سَكَرَاتِ الْخَمْرِ، وَكُلَّ مَرَّةٍ مِنْ لَعِبِ الْقِمَارِ، تَصُدُّ السَّكْرَانَ وَاللَّاعِبَ وَتَصْرِفُهُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست