responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 456
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلُ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (29: 50) وَهَذِهِ الْآيَةُ نَصٌّ فِي الْمَوْضُوعِ، وَفِي مَعْنَاهَا آيَاتٌ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا فِيمَا فُسِّرَتَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ (الْأَنْعَامِ) وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ هَذَا الْجُزْءِ مِنْهَا (قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللهِ) (109) وَمِمَّا هُوَ بِمَعْنَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى بَعْدَ حِكَايَةِ
مَا اقْتَرَحَهُ كُفَّارُ مَكَّةَ عَلَى الرَّسُولِ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا) (17: 93) أَيْ فَأَنَا لَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِصِفَتِي الْبَشَرِيَّةِ ; لِأَنَّنِي مِثْلُكُمْ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الرَّسُولِ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ هُوَ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ عَنِ اللهِ تَعَالَى.
لَوْلَا تَقْرِيرُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَمَا ظَهَرَتْ حِكْمَةُ تِلْكَ الْعِنَايَةِ بِتَكْرَارِ ذِكْرِ كُفْرِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ فِي الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، كَالْآيَاتِ الَّتِي فِي سُورَةِ مَرْيَمَ (19: 41 - 48) وَكَذِكْرِ أَبِيهِ قَبْلَ قَوْمِهِ فِي خَبَرِ بَعْثَتِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ (الْأَنْعَامِ) وَفِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ (21: 52) إِلَخْ. وَسُورَةُ الشُّعَرَاءِ (26: 70) إِلَخْ. وَسُورَةُ الصَّافَّاتِ (37: 85. إِلَخْ. وَسُورَةُ الزُّخْرُفِ (43: 26) فَمَنْ تَأَمَّلَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَآيَةِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ (9: 114) - وَتَقَدَّمَتْ آنِفًا - وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ: (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) (60: 3، 4) مَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ كُلَّهُ جَزَمَ بِمَا قُلْنَاهُ. وَأَجْدَرُ بِنَا - وَقَدْ وَفَّقَنَا اللهُ تَعَالَى إِلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ بِهَذِهِ الشَّوَاهِدِ وَالْبَيِّنَاتِ - أَنْ نَدْعُوَ اللهَ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ الْمُتَمِّمِ لِهَذِهِ الْآيَاتِ، فَنَقُولُ: (رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينِ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (60: 4، 5) .
هَذَا وَإِنَّ كَلَامَ بَعْضِ الَّذِينَ حَاوَلُوا إِثْبَاتَ إِيمَانِ جَمِيعِ آبَاءِ الْخَلِيلَيْنِ، أَوْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِيمَانِ أَبِي طَالِبٍ يَدُورُ عَلَى مَا يُقَابِلُ هَذَا الْأَصْلَ، وَهُوَ الْغُلُوُّ فِيهِمْ بِدَعْوَى أَنَّ كَرَامَتَهُمْ تَنْفَعُ أُولِي الْقُرْبَى مِنْهُمْ، فَتَكُونُ سَبَبًا لِهِدَايَتِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ يَسُوءُهُمْ وَيُؤْذِيهِمْ بَقَاؤُهُ عَلَى الْكُفْرِ، وَمَنْ يَدْعُوهُمْ أَوْ يَدْعُو بَعْضَ الصَّالِحِينَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ لِجَلْبِ النَّفْعِ أَوْ لِكَشْفِ الضُّرِّ، يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَنَالُونَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ بِالتَّوَسُّلِ بِذَوَاتِهِمْ، لَا بِمَا أَمَرَ اللهُ مِنِ اتِّبَاعِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَيَقْضُونَ الْحَوَائِجَ الَّتِي تُطْلَبُ مِنْهُمْ بِأَشْخَاصِهِمْ، وَذَلِكَ مُصَادِمٌ لِتِلْكَ النُّصُوصِ كُلِّهَا وَلِمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ قَوَاعِدِ التَّوْحِيدِ، وَكَوْنِ الدُّعَاءِ عِبَادَةً لَا يَكُونُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى: (قُلِ ادْعُوَا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ
الْوَسِيلَةَ أَيَهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) (17: 56، 57) .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 456
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست