responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 454
فِي اللُّغَةِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ إِرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يُعَيِّنُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ، فَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ عَنْ أَبِيهِ أَرَادَ عَمَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ " إِنَّ عَمِّي وَعَمَّكَ فِي النَّارِ ".
وَلَعُمْرِي إِنَّ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْكَى قَوْلَهُ إِلَّا فِي مَقَامِ التَّعَجُّبِ أَوْ مَقَامِ الِاعْتِبَارِ وَالرَّدِّ، عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ رَدُّوا عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ اغْتَرَّ كَثِيرُونَ بِمَا أَوْرَدَهُ فِي نَجَاةِ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ حَدِيثِ إِحْيَائِهِمَا وَإِيمَانِهِمَا الَّذِي قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ بِوَضْعِهِ، وَغَايَةُ مَا قَرَّرَهُ هُوَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا مَوْضُوعٌ، وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ. (وَمِنْهُ) أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ، وَجُمْهُورُ الْأَشَاعِرَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاتِهِمْ، وَلَكِنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مَنْ وَرَدَ النَّصُّ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَقْوَى مَا قَالَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، وَأَرْجَاهُ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي امْتِحَانِ اللهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْفَتْرَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَجَاةِ بَعْضِهِمْ بِهِ، هَذَا إِذَا لَمْ يَصِحَّ مَا نَقَلْنَاهُ عَنِ النَّوَوِيِّ مِنْ جَزْمِهِ بِأَنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَإِذَا حَقَّ نَجَاةُ الْأَبَوَيْنِ الطَّاهِرَيْنِ بِالِامْتِحَانِ يَكُونُ مَا وَرَدَ فِيهِمَا خَاصًّا بِمَا قَبْلَ الِامْتِحَانِ.
(حِكْمَةُ النُّصُوصِ فِي كُفْرِ بَعْضِ أَرْحَامِ الرُّسُلِ الْأَقْرَبِينَ) .
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا اسْتِنْبَاطَهُمُ الْبَعِيدَ مِنَ الرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةِ وَالْمُنْكَرَةِ أَصْلًا فِي إِثْبَاتِ إِيمَانِ آبَاءِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُؤَوِّلُونَ لِأَجْلِهِ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةَ وَالْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ - قَدْ غَفَلُوا عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَهُوَ الْحِكْمَةُ وَالْفَائِدَةُ فِي الْإِكْثَارِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِكَفْرِ وَالِدِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَقِصَّةِ ابْنِ نُوحٍ الَّذِي أَصَرَّ عَلَى كُفْرِهِ، وَلَمْ يَرْضَ أَنْ يَرْكَبَ السَّفِينَةَ مَعَ وَالِدِهِ وَأَهْلِهِ، وَفِي تَصْرِيحِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مَعَ وَالِدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَصْرِيحِهِ أَيْضًا بِأَنَّ أَبَاهُ فِي النَّارِ، وَبِعَدَمِ إِذْنِ اللهِ تَعَالَى لَهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأُمِّهِ وَلَا لِعَمِّهِ الَّذِي رَبَّاهُ وَلَهُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ الْحُقُوقِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ - فِيمَا يَظْهَرُ - إِنْزَالُ سُورَةٍ فِي سُوءِ حَالِ أَبِي لَهَبٍ وَمَصِيرِهِ إِلَى النَّارِ وَهُوَ عَمُّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إِنَّ الْحِكْمَةَ الْبَالِغَةَ وَالْفَائِدَةَ الظَّاهِرَةَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ هِيَ تَقْرِيرُ أَصْلِ التَّوْحِيدِ الْهَادِمِ لِقَاعِدَةِ الْوَثَنِيَّةِ بِالْفَصْلِ بَيْنَ مَا هُوَ لِلَّهِ وَمَا هُوَ لِرُسُلِهِ، وَهُوَ أَنَّ الرُّسُلَ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُرْسَلُوا إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، مَا عَلَيْهِمْ إِلَّا تَبْلِيغُ دِينِ اللهِ وَإِقَامَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَحَدٍ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ هُدَى أَحَدٍ وَلَا رُشْدُهُ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ هِدَايَةُ التَّعْلِيمِ وَالْحُجَّةِ، فَلَا يَهْدُونَ مَنْ أَحَبُّوا، وَلَا يُغْنُونَ عَنْهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ وَأَحَبَّهُ إِلَيْهِمْ فِي النَّسَبِ وَالْمُعَامَلَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ. وَأَمَّا قَاعِدَةُ وَثَنِيَّةِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ فَهِيَ اتِّخَاذُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست