responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 450
الْحَيَوَانِ، وَآزَرُ كَانَ مِنْ أَحْمَقِ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْ وَلَدِهِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى مَاتَ. . إِلَخْ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ اسْتَشْكَلَ مَتْنَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَصْلِهِ، وَطَعَنَ فِي صِحَّتِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلِمَ أَنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، فَكَيْفَ يَجْعَلُ مَا صَارَ لِأَبِيهِ خِزْيًا مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ؟ قَالَ الْحَافِظُ: وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) (9: 114) وَأَجَابَ عَنِ الثَّانِي بِأَنَّ أَهْلَ التَّفْسِيرِ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَبَرَّأَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَبِيهِ، فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لَمَّا مَاتَ آزَرُ مُشْرِكًا. وَذَكَرَ أَنَّ الطَّبَرِيَّ
رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ قَالَ فِي بَعْضِهَا: اسْتَغْفَرَ لَهُ مَا كَانَ حَيًّا، فَلَمَّا مَاتَ أَمْسَكَ. وَقِيلَ: إِنَّمَا تَبَرَّأَ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَّا يَئِسَ حِينَ مُسِخَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْذِرِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا. وَهَذَا الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَبِّ وَالِدِي، رَبِّ وَالِدِي، فَإِذَا كَانَ الثَّالِثَةُ أُخِذَ بِيَدِهِ، فَيَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَهُوَ ضِبْعَانٌ، فَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ. . . (ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ) : وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ لَمَّا مَاتَ مُشْرِكًا، فَتَرَكَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ، لَكِنْ لَمَّا رَآهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَدْرَكَتْهُ الرَّأْفَةُ وَالرِّقَّةُ، فَسَأَلَ فِيهِ، فَلَمَّا رَآهُ مُسِخَ يَئِسَ مِنْهُ حِينَئِذٍ، فَتَبَرَّأَ مِنْهُ تَبَرُّءًا أَبَدِيًّا. وَقِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَتَيَقَّنْ مَوْتَهُ عَلَى الْكُفْرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ آمَنَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ إِبْرَاهِيمُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونَ تَبَرُّؤُهُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَالِ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْهُ فِي الْحَدِيثِ. انْتَهَى. وَفِيهِ التَّعْبِيرُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي أَخْبَارِ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ نَقَلَ الْحَافِظُ عَنِ الْكِرْمَانِيِّ إِيرَادًا بِمَعْنَى إِشْكَالِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مُوَضَّحًا. وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إِذَا مُسِخَ وَأُلْقِيَ فِي النَّارِ لَمْ تَبْقَ الصُّورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْخِزْيِ، فَهُوَ عَمَلٌ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مَعًا، وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْوَعْدَ كَانَ مَشْرُوطًا بِالْإِيمَانِ، وَإِنَّمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ وَفَاءً بِمَا وَعَدَهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ.
وَأَقُولُ: إِنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَلَّا يُخْزِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُشِيرُ إِلَى دُعَائِهِ الَّذِي حَكَاهُ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ، وَمِنْهُ (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالًا وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (26: 86 - 89) وَأَمَّا وَعْدُ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ بِذَلِكَ فَلَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنَ الْحَدِيثِ، فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهِ بِأَنَّهُ اسْتَجَابَ لَهُ هَذَا الدُّعَاءَ بِشَرْطِهِ الْمَعْلُومِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَهُوَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَغْفِرُ لِمَنْ يُشْرِكُ بِهِ. وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي خَاتِمَةِ الدُّعَاءِ: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) فَهُوَ مِنْ دَقَائِقِ الرَّقَائِقِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْأَلُوسِيِّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِحَدِيثِ " لَمْ أَزَلْ أُنْقَلُ مِنْ أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ إِلَى أَرْحَامِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست