responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 317
مَكَانَ كَلِمَةٍ. وَمِنْهُ (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) (2: 59) وَتَبْدِيلُ مَدْلُولِهَا وَمَضْمُونِهَا كَمَنْعِ نُفُوذِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ أَوْ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْقَوْلِ الَّذِي سَبَقَ. وَالْمُتَكَلِّمُونَ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ إِخْلَافَ الْوَعِيدِ يَقُولُونَ: إِنَّ لِلَّهِ أَنْ يُبَدِّلَ مَا شَاءَ مِنْ كَلِمَاتِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِيلُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ، وَتَبْدِيلُهُ إِيَّاهَا لَا يَشْمَلُهُ النَّفْيُ فِي الْآيَةِ، فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: قَدْ يَشْمَلُهُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي " سُورَةِ ق ": (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) (50: 29) قَالُوا: إِنَّ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِي الْعَفْوِ تُخَصِّصُ الْعَامَّ مِنْ نُصُوصِ الْوَعِيدِ، أَوْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ بَعْضِ الْمُذْنِبِينَ مِنْ قَبِيلِ التَّبْدِيلِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذَا الْبَحْثِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
(وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ) هَذَا تَقْرِيرٌ وَتَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ، أَيْ: وَلَقَدْ جَاءَكَ بَعْضُ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ فِي ذَلِكَ، أَوْ: وَلَقَدْ جَاءَكَ مَا ذُكِرَ أَوْ ذَلِكَ الَّذِي أُشِيرُ إِلَيْهِ مِنْ خَبَرِ التَّكْذِيبِ وَالصَّبْرِ وَالنَّصْرِ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ الَّذِي قَصَصْنَاهُ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ، وَالنَّبَأُ الْخَبَرُ أَوْ ذُو الشَّأْنِ مِنَ الْأَخْبَارِ لَا كُلَّ خَبَرٍ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْأَنْعَامَ نَزَلَتْ بَعْدَ الشُّعَرَاءِ وَالنَّمْلِ وَالْقَصَصِ وَهُودٍ وَالْحِجْرِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ بِالتَّفْصِيلِ. وَكَلِمَةُ " نَبَأٍ " رُسِمَتْ فِي الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ بِيَاءٍ هَكَذَا (نبإي) وَالْيَاءُ كُرْسِيٌّ لِلْهَمْزَةِ الْمَحْذُوفَةِ كَالنُّقَطِ، فَيَنْطِقُ
بِالْهَمْزَةِ دُونَهَا كَمَا تُرْسَمُ فِي وَسَطِ الْكَلِمَةِ فِي مِثْلِ " نَبِّئْهُمْ ". وَكَانَ يَنْطِقُ بِهَا مَنْ لَا يَهْمِزُ.
وَمِنَ الْعِبْرَةِ فِي الْآيَةِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ مَا وَعَدَ الْمُرْسَلِينَ مِنَ النَّصْرِ، فَقَالَ: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (40: 51) وَقَالَ: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (30: 47) وَهِيَ نَصٌّ فِي تَعْلِيلِ النَّصْرِ بِالْإِيمَانِ. وَلَكِنَّنَا نَرَى كَثِيرًا مِنَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الْإِيمَانَ فِي هَذِهِ الْقُرُونِ الْأَخِيرَةِ غَيْرَ مَنْصُورِينَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا فِي دَعْوَى الْإِيمَانِ غَيْرَ صَادِقِينَ، أَوْ يَكُونُوا ظَالِمِينَ غَيْرَ مَظْلُومِينَ، وَلِأَهْوَائِهِمْ لَا لِلَّهِ نَاصِرِينَ، وَلِسُنَنِهِ فِي أَسْبَابِ النَّصْرِ غَيْرَ مُتَّبَعِينَ، وَإِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ وَلَا يُبْطِلُ سُنَنَهُ، وَإِنَّمَا يَنْصُرُ الْمُؤْمِنَ الصَّادِقَ وَهُوَ مَنْ يَقْصِدُ نَصْرَ اللهِ وَإِعْلَاءَ كَلِمَتَهُ، وَيَتَحَرَّى الْحَقَّ وَالْعَدْلَ فِي حَرْبِهِ لَا الظَّالِمَ الْبَاغِي عَلَى ذِي الْحَقِّ وَالْعَدْلِ مِنْ خَلْقِهِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ فِي شَرْعِ الْقِتَالَ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ " سُورَةِ الْحَجِّ ": (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) إِلَى قَوْلِهِ: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (22: 39، 40) فَأَمَّا الرُّسُلُ الَّذِينَ نَصَرَهُمُ اللهُ وَمَنْ مَعَهُمْ فَقَدْ كَانُوا كُلُّهُمْ مَظْلُومِينَ، وَبِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ مُعْتَصِمِينَ، وَلِلَّهِ نَاصِرِينَ. وَقَدِ اشْتَرَطَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي نَصْرِ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ فِي " سُورَةِ الْقِتَالِ ": (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (47: 7) وَالْإِيمَانُ سَبَبٌ حَقِيقِيٌّ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ الْمَعْنَوِيَّةِ، يَكُونُ مُرَجِّحًا بَيْنَ مَنْ تَسَاوَتْ أَسْبَابُهُمُ الْأُخْرَى، فَلَيْسَ النَّصْرُ بِهِ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ. وَأَمَّا تَأْيِيدُ اللهِ تَعَالَى لِلرُّسُلِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست