responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 314
بِالْبَالِ -: إِنَّ الْمُرَادَ
أَنَّهُمْ لَا يَخُصُّونَكَ بِهَذَا التَّكْذِيبِ، بَلْ يُنْكِرُونَ دَلَالَةَ الْمُعْجِزَةِ عَلَى الصِّدْقِ مُطْلَقًا، وَيَقُولُونَ فِي كُلِّ مُعْجِزَةٍ: إِنَّهَا سِحْرٌ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ أَنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ عَلَى التَّعْيِينِ، وَلَكِنْ يُكَذِّبُونَ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ " انْتَهَى مُلَخَّصًا بِالْمَعْنَى غَالِبًا وَفِيهِ قُصُورٌ. وَسَكَتَ عَنْ أَقْوَالٍ أُخْرَى قَدِيمَةٍ (مِنْهَا) قَوْلُ بَعْضِهِمْ: فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ فِيمَا وَافَقَ كُتُبَهُمْ، وَإِنْ كَذَّبُوكَ فِي غَيْرِهِنَّ، وَهُوَ أَضْعَفُ مَا قِيلَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ وَلَا كُتُبَ عِنْدَهُمْ (وَمِنْهَا) قَوْلُ بَعْضِهِمْ: فَإِنَّهُمْ لَا يَتَّفِقُونَ عَلَى تَكْذِيبِكَ، وَلَكِنْ يُكَذِّبُكَ الظَّالِمُونَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ (وَمِنْهَا) أَنَّ الْمَعْنَى: فَإِنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ كَذِبَكَ، وَلَا يَتَّهِمُونَكَ بِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَجْحَدُونَ بِالْآيَاتِ لِظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَهَذَا أَقْوَاهَا كَمَا تَرَى.
تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا هُوَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِمَا يُحْزِنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِمْ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ السُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَيُوَضِّحُهُ مَا رُوِيَ فِي مَوْضُوعِ الْآيَةِ وَنُزُولُهَا، وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنَ النَّظْمِ الْكَرِيمِ - فَالْكَلَامُ إِذًا فِي طَائِفَةِ الْجَاحِدِينَ كِبَرًا وَعِنَادًا كَأَبِي جَهْلٍ وَالْأَخْنَسِ وَأَضْرَابِهِمَا، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ كَذِبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجِدُوهُ كَاذِبًا فِي خَبَرٍ يُخْبِرُهُمْ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوهُ كَاذِبًا فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ الْمَاضِيَةِ، بَلْ عِصْمَتُهُ مِنَ الْكَذِبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَظْهَرُ وَأَوْلَى، وَلَكِنَّهُمْ - لِظُلْمِهِمْ أَنْفُسَهُمْ بِالْكِبْرِ وَالِاسْتِعْلَاءِ - يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ الدَّالَّةِ عَلَى نَبُّوتِهِ وَرِسَالَتِهِ بِمِثْلِ زَعْمِهِمْ أَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسَهُ سِحْرٌ يُؤْثَرُ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ صَدَّ الْعَرَبِ عَنْهُ، وَأَمَّا إِذَا جُعِلَتِ الْآيَةُ عَامَّةً وَأُرِيدَ بِمَا يُحْزِنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ يَقُولُهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ ضُرُوبِ الْأَقْوَالِ فِي إِنْكَارِ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ وَالنُّبُوَّةِ وَسَائِرِ مَسَائِلِ الدِّينِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَظْهَرُ اتَّجَاهُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْمَنْقُولَةِ بِصِدْقِ بَعْضِهَا عَلَى أُنَاسٍ وَبَعْضِهَا عَلَى آخَرِينَ، فَإِنَّ نَفْيَ التَّكْذِيبِ إِنَّمَا يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِهِمْ كَالْجَاحِدِينَ الْمُعَانِدِينَ دُونَ جُمْهُورِ الضَّالِّينَ الْجَاهِلِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ الْجُحُودُ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الْمُسْتَكْبِرِينَ ظُلْمًا وَعِنَادًا عَلَى عِلْمٍ وَمِنَ الْمُقَلِّدِينَ جَهْلًا وَاحْتِقَارًا مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِتَرْكِ النَّظَرِ وَغُلُوًّا فِي ثِقَتِهِمْ بِكُبَرَائِهِمْ وَآبَائِهِمْ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ كَانَ يُكَذِّبُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكْذِيبَ الِافْتِرَاءِ عَنِ اعْتِقَادٍ أَوْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ. قَالَ تَعَالَى فِي " سُورَةِ الْفُرْقَانِ ": (كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ)
(25: 5) إِلَى قَوْلِهِ: (بُكْرَةً وَأَصِيلًا) وَلَمْ تَكُنْ كُلُّ الْعَرَبِ تَعْرِفُ مِنْ سِيرَتِهِ وَصِدْقِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست