responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 241
الْمَالِيَّةِ وَالْقِتَالِ وَالزَّوْجِيَّةِ، وَالسُّوَرُ الطِّوَالُ الَّتِي بَعْدَهَا مُتَمِّمَةٌ لِمَا فِيهَا، فَالثَّلَاثُ الْأَوْلَى مِنْهَا مُفَصِّلَةٌ لِكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَكِنَّ الْبَقَرَةَ أَطَالَتْ فِي مُحَاجَّةِ الْيَهُودِ خَاصَّةً، وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ أَطَالَتْ فِي مُحَاجَّةِ النَّصَارَى فِي نِصْفِهَا الْأَوَّلِ، وَسُورَةُ النِّسَاءِ حَاجَّتْهُمْ فِي أَوَاخِرِهَا، وَاشْتَمَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا عَلَى بَيَانِ شُئُونِ الْمُنَافِقِينَ مِمَّا أُجْمِلَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ أَتَمَّتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ مُحَاجَّةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِيمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَفِيمَا يَنْفَرِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِهِ. وَلَمَّا كَانَ أَمْرُ الْعَقَائِدِ هُوَ الْأَهَمُّ الْمُقَدَّمُ فِي الدِّينِ، وَكَانَ شَأْنُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيهِ أَعْظَمَ مِنْ شَأْنِ الْمُشْرِكِينَ، قُدِّمَتِ السُّوَرُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى مُحَاجَّتِهِمْ بِالتَّفْصِيلِ، وَنَاسَبَ أَنْ يَجِيءَ بَعْدَهَا مَا فِيهِ مُحَاجَّةُ الْمُشْرِكِينَ بِالتَّفْصِيلِ وَتِلْكَ سُورَةُ الْأَنْعَامِ لَمْ تَسْتَوْفِ ذَلِكَ سُورَةٌ مِثْلُهَا، فَهِيَ مُتَمِّمَةٌ لِشَرْحِ مَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقَائِدِ، وَجَاءَتْ سُورَةُ الْأَعْرَافِ بَعْدَهَا مُتَمِّمَةً لِمَا فِيهَا وَمُبَيِّنَةً لِسُنَنِ اللهِ تَعَالَى فِي الْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ وَشُئُونِ أُمَمِهِمْ مَعَهُمْ وَهِيَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ جَمِيعًا، وَلَكِنْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ فَصَّلَتِ الْكَلَامَ فِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي يَنْتَمِي إِلَيْهِ الْعَرَبُ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فِي النَّسَبِ وَالدِّينِ، وَسُورَةُ الْأَعْرَافِ فَصَّلَتِ الْكَلَامَ فِي مُوسَى الَّذِي يَنْتَمِي إِلَيْهِ أَهْلُ
الْكِتَابِ وَيَتَّبِعُ شَرِيعَتَهُ جَمِيعُ أَنْبِيَائِهِمْ حَتَّى عِيسَى الْمَسِيحُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَلَمَّا تَمَّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ تَفْصِيلُ مَا أُجْمِلَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنَ الْعَقَائِدِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالنُّبُوَّاتِ وَالْبَعْثِ، نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَهَا مَا يُتِمُّ مَا أَجْمَلَ بِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَلَا سِيَّمَا أَحْكَامَ الْقَتَّالِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ قَدْ فَصَّلَ بَعْضَ التَّفْصِيلِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، فَكَانَتْ سُورَتَا الْأَنْفَالِ وَالتَّوْبَةِ هُمَا الْمُفَصِّلَتَيْنِ لِذَلِكَ وَبِهِمَا يَتِمُّ ثُلُثُ الْقُرْآنِ.
وَقَدْ عُلِمَ بِمَا شَرَحْنَاهُ أَنَّ رُكْنَ الْمُنَاسَبَةِ الْأَعْظَمِ بَيْنَ سُورَتَيِ الْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ أَنَّ الْمَائِدَةَ مُعْظَمُهَا فِي مُحَاجَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْأَنْعَامِ مُعْظَمُهَا بَلْ كُلُّهَا فِي مُحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ، وَمِنَ التَّنَاسُبِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَحْكَامِ أَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ قَدْ ذَكَرَتْ أَحْكَامَ الْأَطْعِمَةِ الْمُحَرَّمَةِ فِي دِينِ اللهِ وَالذَّبَائِحِ بِالْإِجْمَالِ، وَسُورَةُ الْمَائِدَةِ ذَكَرَتْ ذَلِكَ بِالتَّفْصِيلِ وَهِيَ قَدْ أُنْزِلَتْ أَخِيرًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَمِنَ التَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ، وَمَا فِي الْمَائِدَةِ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
هَذَا مَا أَرَاهُ مِنْ وُجُوهِ التَّنَاسُبِ فِي الْكُلِّيَّاتِ بَيْنَ هَذِهِ السُّورَةِ الَّتِي شَرَعْتُ فِي تَفْسِيرِهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا مُبَاشَرَةً، وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مُطْلَقًا. ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ مِنْ ذَلِكَ دُونَ تَصَفُّحِ آيَاتِ السُّورَةِ فَرَأَيْتُ فِي رُوحِ الْمَعَانِي مَا نَصُّهُ:
" وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا لِآخِرِ الْمَائِدَةِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَنَّهَا افْتُتِحَتْ بِالْحَمْدِ وَتِلْكَ اخْتُتِمَتْ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (39: 75) وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ فِي وَجْهِ الْمُنَاسِبَةِ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ فِي آخِرِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست