responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 239
الرُّوَاةِ هُوَ الَّذِي عَبَّرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا فَقُصَارَاهُ أَنَّ السُّورَةَ بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ جُمْلَةً وَاحِدَةً أُلْحِقَ بِهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ مِمَّا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَمَا يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ شَيْءٌ مِنَ السُّوَرِ الطُّوَالِ وَلَا سُوَرِ الْمِئَيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً; لِأَنَّ مَا اشْتُهِرَ نُزُولُهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً غَيْرَ هَذِهِ السُّورَةِ كُلُّهُ مِنَ الْمُفَصَّلِ (وَسُوَرُ الْمُفَصَّلِ مِنْ " ق " أَوِ " الْحُجُرَاتِ " إِلَى آخِرِ الْمُصْحَفِ فِي الْأَشْهَرِ) وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (26: 214) نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ نَزَلَ بِمَكَّةَ، وَأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُطُونَ قُرَيْشٍ وَأَنْذَرَهُمْ عَمَلًا بِالْآيَةِ قَالَ لَهُ أَبُو لَهَبٍ: تَبَّتْ يَدَاكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهَذَا دَعَوْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) (111: 1) السُّورَةَ، وَإِنَّمَا يَرْوِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ مِثْلَ هَذَا مُرْسَلًا إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا رِوَايَةٌ مَرْفُوعَةٌ إِلَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِنِينَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ رِوَايَتَهُمَا لِنُزُولِ آيَةِ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ) مُرْسَلَةً وَكِلْتَاهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ.
وَقَدْ مَالَ السَّيِّدُ الْآلُوسِيُّ فِي رُوحِ الْمَعَانِي إِلَى الْقَوْلِ بِضَعْفِ مَا وَرَدَ فِي نُزُولِ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْقَوْلِ بِنُزُولِهَا جُمْلَةً وَأَنَّهُ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ حِينَئِذٍ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ آيَاتِهَا: إِنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا الْأَمْرُ الْفُلَانِيُّ، مَعَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَهُ؟ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى ضَعْفِ حِكَايَةِ الْإِمَامِ الِاتِّفَاقَ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ الْإِشْكَالُ (أَوَّلًا) بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ لِكُلِّ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ سَبَبًا، وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي زُهَاءِ عَشْرٍ مِنْ آيَاتِهَا. (وَثَانِيًا) أَنَّ مَا قِيلَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ تِلْكَ الْآيَاتِ بَعْضُهُ لَا يَصِحُّ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ لَا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِ تِلْكَ الْآيَاتِ مُتَفَرِّقَةً، وَإِنَّمَا قَالُوا إِنَّ آيَةَ كَذَا نَزَلَتْ فِي كَذَا أَوْ فِي قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ، فَإِذَا صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ تِلْكَ الْآيَاتِ نَزَلَتْ بَعْدَ تِلْكَ الْوَقَائِعِ وَالْأَقْوَالِ مُبَيِّنَةً حُكْمَ اللهِ فِيهَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي نُزُولَهَا دَالَّةً عَلَى ذَلِكَ فِي ضِمْنِ السُّورَةِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ السُّورَةِ قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: هَذِهِ السُّورَةُ اخْتُصَّتْ بِنَوْعَيْنِ مِنَ الْفَضِيلَةِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا نَزَلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً. وَالثَّانِي: أَنَّهَا
شَيَّعَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ وَالْعَدْلِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ وَإِبْطَالِ مَذَاهِبِ الْمُبْطِلِينَ وَالْمُلْحِدِينَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْأُصُولِ فِي غَايَةِ الْجَلَالَةِ وَالرِّفْعَةِ، وَأَيْضًا فَإِنْزَالُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ قَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ أَنْ يُنْزِلَهُ اللهُ تَعَالَى قَدْرَ حَاجَتِهِمْ وَبِحَسَبِ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ، وَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى عِلْمِ الْأُصُولِ فَقَدْ أَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى جُمْلَةً وَاحِدَةً. وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ عِلْمِ الْأُصُولِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ لَا عَلَى التَّرَاخِي. اهـ.
وَمُرَادُهُ بِالْأُصُولِ عَقَائِدُ الدِّينِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ تَعَلُّمُهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْقُرْآنِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست