responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 229
وَالْفَوْزُ: الظَّفَرُ بِالْمَطْلُوبِ مَعَ النَّجَاةِ مِنْ ضِدِّهِ. أَوْ مِمَّا يَحُولُ دُونَهُ وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْفَوْزُ الظَّفَرُ بِالْخَيْرِ مَعَ حُصُولِ السَّلَامَةِ فَمَعْنَاهُ مُرَكَّبٌ مِنْ سَلْبٍ وَإِيجَابٍ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدَ فَازَ) (3: 185) وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الظَّفَرِ بِالْمَطْلُوبِ وَحْدَهُ كَمَا فِي الْآيَةِ الَّتِي نُفَسِّرُهَا وَآيَةِ التَّوْبَةِ الَّتِي بِمَعْنَاهَا وَمَا يُشَابِهُهَا مُرَاعَى فِيهِ الْمَعْنَى السَّلْبِيُّ بِالْقَرَائِنِ الْحَالِيَّةِ، كَمَا يُقَالُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي يَغْلِبُ عَدْوَّهُ وَيَظْفَرُ بِالْغَنَائِمِ مِنْهُ! إِنَّهُ فَازَ، وَهُوَ إِذَا نَالَ مُرَادَهُ مِنْ هَدْمِ قَلْعَةٍ وَدَكِّ حِصْنٍ فَهَلَكَ تَحْتَ أَنْقَاضِهِ فَلَا يُقَالُ إِنَّهُ قَدْ فَازَ، وَإِذَا كَانَ الْمُهِمُّ فِي الْفَوْزِ الْمَعْنَى الْإِيجَابِيَّ يُعَدَّى بِالْبَاءِ فَيُقَالُ: فَازَ بِكَذَا، وَإِذَا كَانَ الْمُهِمُّ بَيَانَ الْمَعْنَى السَّلْبِيِّ يُعَدَّى بِمَنْ فَيُقَالُ: فَازَ مِنَ الْهَلَاكِ قَالَ تَعَالَى: (فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ) (3: 188) وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْفَلَاةُ مَفَازَةً عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ بِالْهَلَاكِ.
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) إِلَى كُلٍّ مِنَ النَّعِيمَيْنِ الْجُثْمَانِيِّ وَالرُّوحَانِيِّ اللَّذَيْنِ يَحْصُلَانِ بَعْدَ النَّجَاةِ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لِلثَّانِي فَقَطْ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ الْأَكْمَلُ وَلِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْإِطْلَاقِ وَرَدَ فِي إِثْرِ إِطْلَاقِ الْجَزَاءِ بِالْجَنَّةِ وَحْدَهَا فِي آيَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ غَيْرَ الْآيَةِ الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا آنِفًا، وَفِي إِثْرِ إِطْلَاقِ الْجَزَاءِ بِالْجَنَّةِ مَعَ النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ كَمَا تَرَاهُ فِي آخِرِ سُورَةِ الدُّخَانِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِ وَالْحَدِيدِ وَالصَّفِّ وَالتَّغَابُنِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْمَغْفِرَةِ فِيهَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ. فَنَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ، أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ هَذَا الْفَوْزِ الْعَظِيمِ، بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَتَوْفِيقِنَا لِأَسْبَابِ مَرْضَاتِهِ.
ثُمَّ خَتَمَ جَلَّ جَلَالُهُ هَذِهِ السُّورَةَ بِقَوْلِهِ: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَا قَبْلَهُ مُبَاشَرَةً وَمُنَاسِبٌ لِأَنْ يَكُونَ خِتَامًا لِمَجْمُوعِ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلَمَّا بَيَّنَ مَا لِأَهْلِ الصِّدْقِ عِنْدَهُ مِنَ الْجَزَاءِ الْحَقِّ فِي مَقْعَدِ الصِّدْقِ، بَيَّنَ عَقِبَهُ سَعَةَ مُلْكِهِ وَعُمُومَ قُدْرَتِهِ الدَّالِّينَ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الْجَزَاءُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلَمَّا كَانَ أَكْثَرُ آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي مُحَاجَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَامَّةً، وَبَسْطِ الْحُجَجِ عَلَى بُطْلَانِ أَقْوَالِ النَّصَارَى فِي نَبِيِّهِمْ خَاصَّةً، وَسَائِرُهَا فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، مَعَ النَّصِّ عَلَى إِكْمَالِ الدِّينِ بِالْقُرْآنِ، وَعَلَى وَحْدَةِ الدِّينِ الْإِلَهِيِّ وَاخْتِلَافِ الشَّرَائِعِ وَالْمَنَاهِجِ لِلْأُمَمِ وَلَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ ذَيْنِكَ الْقِسْمَيْنِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ قَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ، وَقَفَّى عَلَيْهِمَا بِذِكْرِ جَمْعِ اللهِ تَعَالَى لِلرُّسُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسُؤَالِهِمْ عَنِ التَّبْلِيغِ، وَجَوَابِ أَحَدِهِمُ الدَّالِّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عَلَى أَقْوَامِهِمْ بِالْحَقِّ، وَتَفْوِيضِ أَمْرِهِمْ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
لَمَّا كَانَ مَا ذُكِرَ كَمَا ذَكَرَ نَاسَبَ أَنْ نَخْتِمَ هَذِهِ السُّورَةَ بِبَيَانِ كَوْنِ الْمُلْكِ كُلِّهِ وَالْقُدْرَةِ كُلِّهَا لِلَّهِ وَحْدَهُ وَأَنَّ مُلْكَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الظَّرْفِ وَهُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَقَدِ اخْتِيرَتْ كَلِمَةُ " مَا " فِي قَوْلِهِ " وَمَا فِيهِنَّ " عَلَى " مَنْ " الْخَاصَّةِ بِمَنْ يَعْقِلُ، وَهُوَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَمْلِكَ; لِأَنَّ مَدْلُولَهَا أَعَمُّ وَأَشْمَلُ، وَلِلْإِشَارَةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست