responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 227
عَلَى الْكُفْرِ وَعَذَّبْتَهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ فَلَكَ ذَاكَ، وَإِنْ أَخْرَجْتَهُمْ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ وَغَفَرْتَ لَهُمْ مَا سَلَفَ مِنْهُمْ فَلَكَ أَيْضًا ذَاكَ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا إِشْكَالَ اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَضْعَفُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَجَمِيعُ مَا أَوْرَدَهُ الرَّازِيُّ مِنَ الْوُجُوهِ ضَعِيفٌ، وَمَا كَانَ لِيَخْفَى ضَعْفُهَا بَلْ سُقُوطُهَا وَبُطْلَانُ كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِهَا عَلَى ذَكَائِهِ النَّادِرِ، وَاطِّلَاعِهِ الْوَاسِعِ، لَوْلَا عَصَبِيَّةُ الْمَذَاهِبِ. وَلَكِنَّ قَوْلَهُ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْوَجْهِ الثَّانِي إِنَّ مَقْصِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كَلَامِهِ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَقَدْ هَدَانَا اللهُ تَعَالَى إِلَى تَفْسِيرِهِ، وَشَرْحِ نُكْتَةِ الْبَلَاغَةِ فِيهِ بِأَوْضَحِ تَبْيِينٍ.
وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا بَيَّنَاهُ أَنَّ كَلَامَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَتَضَمَّنُ شَيْئًا مِنَ الشَّفَاعَةِ لِقَوْمِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ (مِنْهَا) حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللهِ تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) (14: 36) الْآيَةَ. وَقَوْلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي. وَبَكَى فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرَائِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ " (وَمِنْهَا) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ فِيهِ: " أَلَا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا
بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ) إِلَى قَوْلِهِ: (الْحَكِيمُ) قَالَ فَيُقَالُ: " إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ " وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى زِيَادَةٌ " فَأَقُولُ بُعْدًا لَهُمْ وَسُحْقًا " وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْمَعْنَى فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ فِي أَلْفَاظِهَا بَعْضُ اخْتِلَافٍ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى. مِنْهَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَحْدَثُوا بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَادُونَ، أَيْ يُطْرَدُونَ عَنِ الْحَوْضِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ، فَقِيلَ: هُمُ ارْتَدَوْا بَعْدَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَقِيلَ: هُمُ الْمُبْتَدَعَةُ. (وَمِنْهَا) حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ " أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ بِهَذِهِ الْآيَةِ (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ) إِلَخْ. حَتَّى أَصْبَحَ يَرْكَعُ بِهَا وَيَسْجُدُ فَسَأَلَهُ أَبُو ذَرٍّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي سُبْحَانَهُ الشَّفَاعَةَ فَأَعْطَانِيهَا وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى مَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا ".
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَقَامَ التَّفْوِيضِ غَيْرُ مَقَامِ الشَّفَاعَةِ وَأَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَنَالُ أَحَدًا يُشْرِكُ بِاللهِ تَعَالَى شَيْئًا، وِفَاقًا لِمَا جَاءَ بِهِ الْوَحْيُ عَلَى لِسَانِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست