responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 225
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (5: 38، 39) فَذِكْرُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِاسْمَيِ اللهِ (الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) فِي جَزَاءِ شَرْطِيَّةِ الْمَغْفِرَةِ كَذِكْرِهِ لِكَلِمَةِ (عِبَادِكَ) فِي جَزَاءِ شَرْطِيَّةِ التَّعْذِيبِ، كُلٌّ مِنْهُمَا وَقَعَ فِي مَحِلِّهِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْبَلَاغَةُ فِي مَقَامِ التَّفْوِيضِ فَكَانَ حُجَّةً لَهُ وَلَوْ أَرَادَ بِكَلَامِهِ الشَّفَاعَةَ وَالِاسْتِرْحَامَ لَعَكَسَ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ. وَلَوْلَا هَذَا لَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا اعْتِرَاضًا عَلَى الرَّبِّ، أَوْ تَعْرِيضًا بِحُكْمِهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَحَاشَا لِعِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ.
وَلَمَّا غَفَلَ مَنْ غَفَلَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَنْ هَذَا مَعَ تَصْرِيحِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَى اللهِ تَعَالَى اسْتَشْكَلُوا الْعِبَارَةَ، وَحَارُوا فِيمَا فَهِمُوهُ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى جَوَازِ غُفْرَانِ الشِّرْكِ، وَطَفِقُوا يَتَلَمَّسُونَ النُّكْتَةَ لِتَرْتِيبِ الْغُفْرَانِ عَلَى صِفَتَيِ الْعِزَّةِ وَالْحِكْمَةِ، دُونَ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ تَرْتِيبِهِ عَلَى صِفَتَيِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَاسْتَنْجَدُوا مَذَاهِبَهُمُ الْكَلَامِيَّةَ فِي ذَلِكَ فَأَنْجَدَتْ مُفَسِّرِي الْأَشْعَرِيَّةِ بِمَا اسْتَطَالُوا بِهِ عَلَى مُفَسِّرِي الْمُعْتَزِلَةِ فَقَالُوا: إِنَّ الْمَعْنَى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عَبِيدُكَ، وَالْمَالِكُ يَتَصَرَّفُ بِعَبْدِهِ كَمَا يَشَاءُ، فَلَا يُسْأَلُ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَذَّبَ أَكْمَلَهُمْ إِيمَانًا وَإِسْلَامًا وَإِحْسَانًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ فَإِنَّهُمْ عَبِيدُكَ الْأَرِقَّاءُ إِلَى أَسْرِ مُلْكِكَ، الضُّعَفَاءُ الْعَاجِزُونَ عَنِ الِامْتِنَاعِ مِنْ عِقَابِكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ مَا كَانَ مِنْ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ سُوءِ أَعْمَالِهِمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْقَوِيُّ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ، الْحَكِيمُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَغْفِرَةَ مُسْتَحْسَنَةٌ لِكُلِّ مُجْرِمٍ: قَالَهُ أَبُو السُّعُودِ: وَقَالَ الْآلُوسِيُّ: وَالْمَغْفِرَةُ لِلْكَافِرِ لَمْ يُعْدَمْ فِيهَا وَجْهُ حِكْمَةٍ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ حَسَنَةٌ لِكُلِّ مُجْرِمٍ فِي الْمَعْقُولِ، بَلْ مَتَى كَانَ الْمُجْرِمُ أَعْظَمَ جُرْمًا كَانَ الْعَفْوُ عَنْهُ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ أَدْخَلُ فِي الْكَرَمِ، وَإِنْ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ أَحْسَنَ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مِنْ جِهَاتٍ أُخَرَ اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ فِي هَذَا الْأَصْلِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ عَلَى خِلَافِ الْمَعْقُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَجَابَ الرَّازِيُّ عَنِ الْإِشْكَالِ الْمَوْهُومِ بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:
(الْأَوَّلِ) أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي سُؤَالِ اللهِ لِعِيسَى يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْمًا مِنَ النَّصَارَى حَكَوْا عَنْهُ مَا هُوَ كُفْرٌ وَحَاكِي الْكُفْرِ لَيْسَ بِكَافِرٍ بَلْ مُذْنِبٍ بِكَذِبِهِ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ فَلِهَذَا طَلَبَ الْمَغْفِرَةَ لَهُ.
وَهَذَا وَجْهٌ أَمْلَاهُ عَلَيْهِ مَا اعْتَادَ مِنَ الْجَدَلِ فِي الْأَلْفَاظِ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْ حَالِ مَنْ حَكَى الله عَنْهُمْ ذَلِكَ الْقَوْلَ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أُلُوهِيَّةَ الْمَسِيحِ، وَيَعْبُدُونَهُ وَيَعْبُدُونَ أُمَّهُ، وَعَنْ حَالِ مَنْ حَكَوْهُ هُمْ عَنْهُ، وَهُوَ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ إِلَيْهِمْ، وَحِكَايَةُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ عَنِ الرَّسُولِ كُفْرٌ فِي نَفْسِهِ، وَيَسْتَلْزِمُ إِمَّا الْكُفْرَ بِالرَّسُولِ وَإِمَّا الْأَخْذَ بِمَا حَكَى عَنْهُ مِنَ الْكُفْرِ.
(الثَّانِي) قَوْلُهُ " إِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِنَا مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يُدْخِلَ الْكُفَّارَ الْجَنَّةَ، وَأَنْ يُدْخِلَ الزُّهَّادَ وَالْعُبَّادَ النَّارَ; لِأَنَّ الْمُلْكَ مُلْكُهُ وَلَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، فَذَكَرَ
عِيسَى هَذَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست