responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 188
لَنَا عَلَى فَهْمِهِ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجْدَانِ شَيْءٍ مِنَ الصُّعُوبَةِ فِي عِبَارَةِ الْآيَتَيْنِ. وَمَا نَقَلَهُ الْوَاحِدِيُّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي آيَةِ (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا) (فَلَيْسَ مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا نُقِلَ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ اسْتِصْعَابِهَا. بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ أَحْكَامَهَا أَشَدُّ مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ السُّورَةِ، وَلَعَلَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا فِيهَا مِنَ التَّضْيِيقِ فِي رَدِّ أَيْمَانٍ بَعْدَ أَيْمَانٍ وَإِظْهَارِ فَضَائِحَ مَنْ كَذَبَ وَخَانَ. قَالَ فِي حَقِيقَةِ الْأَسَاسِ: عَضَلْتُ عَلَى فُلَانٍ ضَيَّقْتُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَحُلْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ. وَمِنْهُ النَّهْيُ عَنْ عَضْلِ النِّسَاءِ أَيْ مَنْعِهِنَّ مِنَ الزَّوَاجِ.
وَلَكِنَّ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ اضْطَرَبُوا فِي عِدَّةِ أَحْكَامٍ مِنْ أَحْكَامِهَا لِمَجِيئِهَا مُخَالِفَةً لِأَقْيِسَتِهِمْ وَلِمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِثُبُوتِهِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ مِنْهَا حَلِفُ الشَّاهِدِ الْيَمِينَ، وَمِنْهَا شَهَادَةُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فِيمَا هُوَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَمِنْهَا الْعَمَلُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي، وَقَدِ اجْتَهَدُوا فِي تَخْرِيجِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْمَسَائِلِ عَلَى الثَّابِتِ عِنْدَهُمْ كَمَا تَرَاهُ قَرِيبًا. حَتَّى ادَّعَوْا فِي بَعْضِهَا النَّسْخَ. وَرَوَوْهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ بِسَنَدٍ لَمْ يَصِحَّ، فَلِهَذَا
رَأَيْنَا بَعْدَ تَفْسِيرِ الْآيَتَيْنِ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ بِالِاخْتِصَارِ أَنْ نَفْصِلَ مَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْأَحْكَامِ; لِيَظْهَرَ حَتَّى لِلضَّعِيفِ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ مَا فِيهِمَا مِنْ إِعْجَازِ الْإِيجَازِ، وَمَا جَنَتْهُ الْمَذَاهِبُ النَّحْوِيَّةُ وَالْفِقْهِيَّةُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى قَالَ مَا قَالَ فِي الْآيَتَيْنِ أَشْهَرُهُمْ بِسَعَةِ الِاطِّلَاعِ أَوْ بِالدِّقَّةِ وَالذَّكَاءِ.
أَمَّا دَعْوَى النَّسْخِ، فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا سَلَفَ وَمِمَّا سَيَأْتِي قَرِيبًا مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ مَنْسُوخٌ، وَقَدْ حَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ فَقَالَ:
" وَمِنَ الشَّوَاهِدِ لِصِحَّةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ بِدُقُوقَا قَالَ: فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ: فَقَدِمَا الْكُوفَةَ فَأَتَيَا الْأَشْعَرِيَّ يَعْنِي أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَاهُ وَقَدِمَا الْكُوفَةَ بِتَرِكَتِهِ وَوَصِيَّتِهِ، فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ بِاللهِ مَا خَانَا وَلَا كَذَبَا وَلَا بَدَّلَا وَلَا كَتَمَا وَلَا غَيَّرَا وَأَنَّهَا لِوَصِيَّةِ الرَّجُلِ وَتَرِكَتِهِ قَالَ فَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا. ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ الْأَزْرَقِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ أَبَا مُوسَى قَضَى بِهِ. وَهَذَانِ إِسْنَادَانِ صَحِيحَانِ إِلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَوْلُهُ: " هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الظَّاهِرُ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ قِصَّةَ تَمِيمٍ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ إِسْلَامَ تَمِيمِ بْنِ أَوْسٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ مُتَأَخِّرًا يَحْتَاجُ مُدَّعِي نَسْخِهِ إِلَى دَلِيلٍ فَاصِلٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَاللهُ أَعْلَمُ ".

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست