responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 158
(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (59: 7) وَذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ إِنَّمَا هُوَ قِيَاسُ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْعِصْمَةُ وَلَا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ وَلَا كَانَ كَلَامُهُ وَحْيًا بَلْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ وَبِعَقْلِهِ الْمَغْلُوبِ بِالْخَطَأِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى قِيَامِ الْحُجَّةِ بِالْقِيَاسَاتِ الصَّادِرَةِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(اسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى الْقِيَاسِ بِالْإِجْمَاعِ) :
" وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْقِيَاسِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ: وَقَدْ بَلَغَ التَّوَاتُرُ الْمَعْنَوِيُّ عَنِ الصَّحَابَةِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ قَطْعِيٌّ. وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: دَلِيلُ الْإِجْمَاعِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِجَمَاهِيرِ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ. وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي الْمَحْصُولِ: مَسْلَكُ الْإِجْمَاعِ هُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: عِنْدِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ اشْتِهَارُ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ شَرْقًا وَغَرْبًا قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ إِلَّا عِنْدَ شُذُوذِ مُتَأَخِّرِينَ. قَالَ: وَهَذَا أَقْوَى الْأَدِلَّةِ.
وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَنْعِ ثُبُوتِ هَذَا الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْمُحْتَجِّينَ بِذَلِكَ إِنَّمَا جَاءُونَا بِرِوَايَاتٍ عَنْ أَفْرَادٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَحْصُورِينَ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا لِجَمِيعِهِمْ مَعَ تَفَرُّقِهِمْ فِي الْأَقْطَارِ، وَاخْتِلَافِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَرَدِّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْكَارِ بَعْضِهِمْ لِمَا قَالَهُ الْبَعْضُ كَمَا ذَلِكَ مَعْرُوفٌ؟ .
" وَبَيَانُهُ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ عَلَى أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ، وَهَكَذَا وَقَعَ الْإِنْكَارُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى مَنْ عَمِلَ بِالرَّأْيِ مِنْهُمْ، وَالْقِيَاسُ إِنْ كَانَ مِنْهُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَقَدْ أَنْكَرَهُ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَلَوْ سَلَّمْنَا لَكَانَ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقِيَاسَاتِ الَّتِي وَقَعَ النَّصُّ عَلَى عِلَّتِهَا وَالَّتِي قَطَعَ فِيهَا بِنَفْيِ الْفَارِقِ، فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ كَثِيرٌ
مِنَ الْأُصُولِيِّينَ وَأَثْبَتُوهُ بِمَسَالِكَ تَتَقَطَّعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ، وَتُسَافِرُ فِيهَا الْأَذْهَانُ حَتَّى تَبْلُغَ إِلَى مَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَتَتَغَلْغَلَ فِيهَا الْعُقُولُ حَتَّى تَأْتِيَ بِمَا لَيْسَ مِنَ الشَّرْعِ فِي وُرُودٍ وَلَا صَدْرٍ، وَلَا مِنَ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ فِي قُبَيْلٍ وَلَا دُبَيْرٍ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا " وَجَاءَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ إِكْمَالِ الدِّينِ، وَبِمَا يُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى وَيُصَحِّحُ دَلَالَتَهُ وَيُؤَيِّدُ بَرَاهِينَهُ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست