responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 147
تُرَقِّيهِ إِلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ بَقِيَّةٌ فَأَمَرَهُ بِتَوْفِيَتِهَا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ شَرَعَ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ فِي خَوَاتِيمِ الْأَعْمَالِ فَشَرَعَهَا فِي خَاتِمَةِ الْحَجِّ وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَشَرَعَ لِلْمُتَوَضِّئِ بَعْدَ كَمَالِ وُضُوئِهِ أَنْ يَقُولَ: " اللهُمَّ اجْعَلْنِي
مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ " فَعُلِمَ أَنَّ التَّوْبَةَ مَشْرُوعَةٌ عَقِيبَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَأَمَرَ رَسُولَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ عَقِيبَ تَوْفِيَتِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ حِينَ دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِهِ أَفْوَاجًا، فَكَأَنَّ التَّبْلِيغَ عِبَادَةٌ قَدْ أَكْمَلَهَا وَأَدَّاهَا فَشَرَعَ لَهُ الِاسْتِغْفَارَ عَقِيبَهَا.
وَالْمَقْصُودُ تَفَاوَتُ النَّاسِ فِي مَرَاتِبِ الْفَهِمَ فِي النُّصُوصِ، وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَفْهَمُ مِنَ الْآيَةِ حُكْمًا أَوْ حُكْمَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْهَمُ مِنْهَا عَشْرَةَ أَحْكَامٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ فِي الْفَهْمِ عَلَى مُجَرَّدِ اللَّفْظِ دُونَ سِيَاقِهِ وَدُونَ إِيمَائِهِ وَإِشَارَتِهِ وَتَنْبِيهِهِ وَاعْتِبَارِهِ، وَأَخَصُّ مِنْ هَذَا وَأَلْطَفُ ضَمُّهُ إِلَى نَصٍّ آخَرَ مُتَعَلِّقٍ بِهِ فَيُفْهَمُ مِنَ اقْتِرَانِهِ بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ اللَّفْظِ بِمُفْرَدِهِ. وَهَذَا بَابٌ عَجِيبٌ مِنْ فَهْمِ الْقُرْآنِ لَا يَتَنَبَّهُ لَهُ إِلَّا النَّادِرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الذِّهْنَ قَدْ لَا يَشْعُرُ بِارْتِبَاطِ هَذَا بِهَذَا وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، وَهَذَا كَمَا فَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) مَعَ قَوْلِهِ: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَلِدُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَمَا فَهِمَ الصِّدِّيقُ مِنْ آيَةِ الْفَرَائِضِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَآخِرِهَا أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ، وَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ بِالْجَدِّ، وَقَدْ أَرْشَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ إِلَى هَذَا الْفَهْمِ حَيْثُ سَأَلَهُ عَنِ الْكَلَالَةِ وَرَاجَعَهُ السُّؤَالَ فِيهَا مِرَارًا فَقَالَ: " يَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ " وَإِنَّمَا أَشْكَلَ عَلَى عُمَرَ قَوْلُهُ: (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) (4: 176) الْآيَةَ فَدَلَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا بَيَّنَ لَهُ الْمُرَادَ مِنْهَا، وَهِيَ الْآيَةُ الْأُولَى الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ، فَإِنَّهُ وَرِثَ فِيهَا وَلَدُ الْأُمِّ فِي الْكَلَالَةِ السُّدُسَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْكَلَالَةَ فِيهَا مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ وَإِنْ عَلَا " انْتَهَتِ الْمُقَدِّمَةُ.
أَقُولُ: ثُمَّ إِنَّهُ أَوْرَدَ بَعْدَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ عِدَّةَ مَسَائِلَ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بَيَّنَتْهَا النُّصُوصُ، وَهِيَ سِتُّ مَسَائِلَ فِي أَحْكَامِ الْمَوَارِيثِ وَقَدْ وَضَّحَ فِيهَا إِغْنَاءَ النَّصِّ عَنِ الْقِيَاسِ أَتَمَّ الْإِيضَاحَ.
مِثَالُ النُّصُوصِ الْكُلِّيَّةِ الْمُغْنِيَةِ عَنِ الْقِيَاسِ:
ثُمَّ زَادَ عَلَى تِلْكَ الْمَسَائِلِ عِدَّةَ نُصُوصٍ كُلِّيَّةٍ يُغْنِي كُلٌّ مِنْهَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَقْيِسَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَدَامَ اللهُ النَّفْعَ بِعِلْمِهِ
وَمِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ " عَنْ إِثْبَاتِ التَّحْرِيمِ بِالْقِيَاسِ فِي الِاسْمِ أَوْ فِي الْحُكْمِ كَمَا فَعَلَهُ مَنْ لَمْ يُحْسِنِ الِاسْتِدْلَالَ بِالنَّصِّ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 7  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست