responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 99
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُقُودِ: عُهُودُ اللهِ الَّتِي عَهِدَ إِلَى عِبَادِهِ: " مَا أَحَلَّ اللهُ وَمَا حَرَّمَ، وَمَا فَرَضَ وَمَا حَدَّ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ، لَا تَغْدِرُوا وَلَا تَنْكُثُوا " وَعَنْ قَتَادَةَ: هِيَ عُقُودُ الْجَاهِلِيَّةِ، أَيْ مَا كَانَ مِنَ الْحِلْفِ فِيهَا، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ: الْعُقُودُ الْخَمْسُ: عُقْدَةُ الْإِيمَانِ، وَعُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَعُقْدَةُ الْبَيْعِ، وَعُقْدَةُ الْعَهْدِ، وَعُقْدَةُ الْحِلْفِ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَعُقْدَةُ الشَّرِكَةِ، وَعُقْدَةُ الْيَمِينِ، وَعُقْدَةُ الْعَهْدِ، وَعُقْدَةُ الْحِلْفِ. وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - أَمَرَنَا بِالْوَفَاءِ بِجَمِيعِ الْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَيْنَا، وَالَّتِي نَتَعَاقَدُ عَلَيْهَا فِيمَا بَيْنَنَا. وَفِي رُوحِ الْمَعَانِي عَنِ الرَّاغِبِ، قَالَ: الْعُقُودُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْقُودِ وَالْعَاقِدِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: عَقْدٌ بَيْنَ اللهِ - تَعَالَى - وَبَيْنَ الْعَبْدِ، وَعَقْدٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَنَفْسِهِ، وَعَقْدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ الْمُوجِبِ لَهُ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ أَوْجَبَهُ الْعَقْلُ وَهُوَ مَا رَكَّزَ اللهُ - تَعَالَى - مَعْرِفَتَهُ فِي الْإِنْسَانِ فَيَتَوَصَّلُ إِلَيْهِ إِمَّا بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ وَإِمَّا بِأَدْنَى نَظَرٍ، دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ
(7: 172) الْآيَةَ، وَضَرْبٌ أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ، وَهُوَ مَا دَلَّنَا عَلَيْهِ كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَلِكَ سِتَّةُ أَضْرُبٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ ; إِمَّا أَنْ يَلْزَمَ ابْتِدَاءً أَوْ يَلْزَمَ بِالْتِزَامِ الْإِنْسَانِ إِيَّاهُ. وَالثَّانِي أَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ: فَالْأَوَّلُ وَاجِبُ الْوَفَاءِ ; كَالنُّذُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقُرَبِ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ إِنْ عَافَانِي اللهُ تَعَالَى. وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُ ; كَمَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ فِعْلٍ مُبَاحٍ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَفْعَلَ ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِهِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى شَيْءٍ، فَرَأَى غَيْرَهُ خَيْرًا مِنْهُ ; فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَالرَّابِعُ وَاجِبٌ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِهِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ فُلَانًا الْمُسْلِمَ. فَيَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ سِتَّةٍ فِي أَرْبَعَةٍ: أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ضَرْبًا، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي كُلَّ عَقْدٍ سِوَى مَا كَانَ تَرْكُهُ قُرْبَةً وَاجِبًا، فَافْهَمْ وَلَا تَغْفُلْ. اهـ.
هَذَا أَجْمَعُ كَلَامٍ رَأَيْتُهُ لِلْمُفَسِّرِينَ فِي الْعُقُودِ، وَقَدْ تَجَدَّدَ لِأَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ تَبِعَهَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْعُقُودِ، يَذْكُرُونَهَا فِي كُتُبِ الْقَوَانِينِ الْمُسْتَحْدَثَةِ ; مِنْهَا مَا يُجِيزُهُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمِنْهَا مَا لَا يُجِيزُونَهُ ; لِمُخَالَفَتِهِ شُرُوطَهُمُ الَّتِي يَشْتَرِطُونَهَا. كَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ قَوْلًا حَتَّى لَوْ كَتَبَ اثْنَانِ عَقْدًا بَيْنَهُمَا عَلَى شَيْءٍ قَوْلًا أَوْ كِتَابَةً نَحْوَ: " تَعَاقَدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَى أَنْ يَقُومَ الْأَوَّلُ بِكَذَا وَالثَّانِي بِكَذَا، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ إِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِالْقَوْلِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست