responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 39
وَأَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَرَ وَنَاوَلَهُمَا، انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا، فَعَرَفَاهُ، ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا، وَأَنَّهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ رَجَعَا إِلَى أُورْشَلِيمَ وَوَجَدَا الْأَحَدَ عَشَرَ (هَكَذَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا مِنْهُمْ فَيَكُونُ الْبَاقِي تِسْعَةً) مُجْتَمِعِينَ هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ ظَهَرَ لِسَمْعَانَ. فَأَخْبَرَاهُمْ خَبَرَهُمَا. وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ ظَهَرَ لَهُمْ، وَأَكَلَ مَعَهُمْ.
وَأَمَّا يُوحَنَّا فَقَدْ خَالَفَ الثَّلَاثَةَ فَذَكَرَ فِي الْفَصْلِ (20) أَنَّ مَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةَ جَاءَتْ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلَامُ بَاقٍ، فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا، فَرَكَضَتْ إِلَى سَمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الْآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ، وَقَالَتْ لَهُمَا: أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ. فَرَكَضَا إِلَى الْقَبْرِ، وَدَخَلَا فِيهِ ; فَرَأَيَا الْأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَكَانَتْ مَرْيَمُ تَبْكِي خَارِجَ الْقَبْرِ، ثُمَّ انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ فَنَظَرَتْ مَلَكَيْنِ جَالِسَيْنِ ; وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ، وَالْآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ،
وَبَعْدَ الْكَلَامِ مَعَهُمَا عَنْ سَبَبِ بُكَائِهَا، الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا فَلَمْ تَعْرِفْهُ، وَظَنَّتْ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، ثُمَّ تَعَرَّفَ إِلَيْهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تُخْبِرَ التَّلَامِيذَ بِقَوْلِهِ " إِنِّي صَاعِدٌ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ " فَأَخْبَرَتْهُمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ التَّلَامِيذَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَشِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَالْأَبْوَابُ مُغْلَقَةً، خَوْفًا مِنَ الْيَهُودِ، فَجَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَأَنَّ تُومَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فَظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ (21) أَنَّهُ أَظْهَرَ نَفْسَهُ لِلتَّلَامِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ أَوَّلًا، ثُمَّ اصْطَادُوا سَمَكًا بِأَمْرِهِ وَحَضَرَ غَدَاءَهُمْ.
هَذَا مُلَخَّصُ دَعْوَى قِيَامِ يَسُوعَ مِنَ الْقَبْرِ بِرِوَايَةِ الْأَنَاجِيلِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَرَى الْمُتَأَمِّلُ فِيهَا أَنَّهَا مُتَعَارِضَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ. وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، بِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُمْ فِي الْجَلِيلِ، كَمَا نَقَلُوا عَنْهُ وَعَنِ الْمَلَكِ أَوِ الْمَلَكَيْنِ. وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ فِي الْمُتَعَارِضَيْنِ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَنْ يُقَالَ: " تَعَادَلَا فَتَسَاقَطَا " وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي لَا مَنْدُوحَةَ عَنِ الْقَوْلِ بِهَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ التَّعَارُضِ فِي هَذِهِ الْأَنَاجِيلِ - اتِّقَاءَ الْوُقُوعِ فِي التَّرْجِيحِ بِغَيْرِ مُرَجِّحٍ، نَقُولُ: إِنَّ رِوَايَاتِ الْأَرْبَعَةِ سَاقِطَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا. فَهَذَا هُوَ بَيَانُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيِ الْجَوَابِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي الْمَبْنِيُّ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى سَبَبٌ أَوْ أَصْلٌ بُنِيَ عَلَيْهِ ; فَبَيَانُهُ: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَاعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّ يَسُوعَ قَدْ قَامَ مِنْ قَبْرِهِ، وَأَنَّهُ رَآهُ بَعْضُ النِّسَاءِ وَبَعْضُ تَلَامِيذِهِ، وَاضْطَرَبَتِ الْأَقْوَالُ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ كُلُّ مُؤَلِّفِ إِنْجِيلٍ مَا سَمِعَهُ، وَأَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْإِشَاعَاتِ تَخَيُّلَ مَرْيَمَ الْمَجْدَلَانِيَّةِ الْعَصَبِيَّةِ الْمِزَاجِ (الَّتِي رَوَتْ هَذِهِ الْأَنَاجِيلُ أَنَّ الْمَسِيحَ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ) أَنَّهَا رَأَتِ الْمَسِيحَ وَكَلَّمَتْهُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَةُ الْخَيَالِيَّةُ اتَّفَقَتْ لِغَيْرِهَا أَيْضًا مِنَ التَّلَامِيذِ أَوْ غَيْرِهِمْ بَعْدَ أَنْ سَمِعُوهَا مِنْهَا، وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ بِالشَّوَاهِدِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست