responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 382
لِلتَّوْحِيدِ وَالْفَضَائِلِ وَالْآدَابِ، وَالْمُحْيِينَ لِلْعُلُومِ وَالْفُنُونِ وَالْعُمْرَانِ؛ فَهَلْ يَعْتَبِرُ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ الْآنِ وَيَعُودُونَ إِلَى إِقَامَةِ الْقُرْآنِ، وَأَخْذِ الْحِكْمَةِ مِنْ حَيْثُ يَجِدُونَهَا، وَعُدَدِ الْإِصْلَاحِ وَالسِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ يَرَوْنَهَا، أَمْ يَفْتَئُونَ يَسْلُكُونَ سُنَنَ مَنْ قَبْلَهُمْ مَنْ طَوْرِ الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، وَمِنْهُ الْغُرُورُ بِدِينِهِمْ مَعَ عَدَمِ إِقَامَةِ كِتَابِهِ، وَالتَّبَجُّحِ بِفَضَائِلِ نَبِيِّهِمْ عَلَى تَرْكِهِمْ لِسُنَنِهِ وَآدَابِهِ؟ !
رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُوشِكُ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ " قُلْتُ: كَيْفَ، وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ، وَعَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا؟ فَقَالَ: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ نُفَيْرٍ، إِنْ كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؟ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ حِينَ تَرَكُوا أَمْرَ اللهِ؟ " ثُمَّ قَرَأَ: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَالَ: " وَذَلِكَ عِنْدَ ذَهَابِ الْعِلْمِ "، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا، وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ أُمِّ لَبِيدٍ! إِنْ
كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَلَا يَنْتَفِعُونَ مِمَّا فِيهِمَا بِشَيْءٍ " انْتَهَى مِنَ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ. وَالشَّاهِدُ فِيهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعَمَلِ بِمَا فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَالِاهْتِدَاءِ بِهِدَايَتِهَا، وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ أَبْعَدَ مَا كَانُوا عَنْ هِدَايَةِ دِينِهِمْ، مَعَ شِدَّةِ عَصَبِيَّتِهِمُ الْجِنْسِيَّةِ لَهُ، كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ، عَلَى أَنَّ عَصَبِيَّتَهُمُ الْجِنْسِيَّةَ لَهُ قَدْ ضَعُفَتْ أَيْضًا، وَاسْتَبْدَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِهَا جِنْسِيَّةَ اللُّغَةِ أَوِ الْوَطَنِ.
وَلَا يَمْنَعُنَا مِنَ الِاعْتِبَارِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَا عُلِّلَ بِهِ مِنَ الضَّعْفِ وَانْقِطَاعِ السَّنَدِ، وَالْقَلْبِ وَالِاخْتِلَافِ ; لِأَنَّنَا لَا نُرِيدُ أَنْ نُثْبِتَ بِهِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا شَرْعِيًّا، لَا دَلِيلَ عَلَيْهِمَا سِوَاهُ، وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى سَلَامَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنَ التَّحْرِيفِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ; لِأَنَّهُمَا عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ، يَشْتَمِلَانِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْهِدَايَةِ إِلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَكِنَّ أَهْلَهُمَا لَا يُقِيمُونَ ذَلِكَ، فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا قَائِمَةٌ، عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ تَثْبُتُ بِهِ الْعِبْرَةُ، وَلَكِنْ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَقَدْ أَشَارَ الْحَافِظُ فِي تَرْجَمَةِ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ مِنَ الْإِصَابَةِ إِلَى مُخْرِجِيهِ، وَعَلَّلَهُ عِنْدَهُمْ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ قُصُورُ مَا اكْتَفَى بِهِ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ.
(تَنْبِيهٌ) : إِنَّ الشَّهَادَةَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْقَصْدِ وَالِاعْتِدَالِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَهُ نَظَائِرُ فِي آيَاتٍ أُخْرَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (7: 159) وَقَوْلِهِ:

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست