responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 36
بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْهِنْدِ وَاللُّجْأِ إِلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي كَشْمِيرَ، فَإِنَّ الْإِيوَاءَ يُسْتَعْمَلُ فِي مَقَامِ الْإِنْقَاذِ وَالتَّنْجِيَةِ مِنَ الْهَمِّ وَالْكَرْبِ
وَالْمَصَائِبِ وَالْمَخَاوِفِ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (93: 6) وَقَوْلِهِ: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ (8: 26) وَقَوْلِهِ حِكَايَةً عَنْ وَلَدِ نُوحٍ: سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ (11: 43) وَالرَّبْوَةُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، وَبِلَادُ كَشْمِيرَ مِنْ أَعْلَى بِلَادِ الدُّنْيَا، وَهِيَ ذَاتُ قَرَارٍ مَكِينٍ، وَمَاءٍ مَعِينٍ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الرَّبْوَةَ هِيَ رَمْلَةُ فِلَسْطِينَ أَوْ دِمَشْقَ الشَّامِ، وَلَوْ آوَى اللهُ الْمَسِيحَ وَأُمَّهُ إِلَيْهِمَا لَمَا خَفِيَ مَكَانُهُمَا فِيهِمَا، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مُحَاوَلَةِ صَلْبِهِ وَتَأَلُّبِ الْيَهُودِ عَلَيْهِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْإِيوَاءِ الَّذِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي الْإِنْقَاذِ مِنَ الْمَكْرُوهِ، كَمَا عُلِمَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، وَمِثْلُهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا (8: 72) وَفِي يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12: 69) وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ (12: 99) وَلَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَبْلَ تَأَلُّبِ الْيَهُودِ عَلَيْهِ وَالسَّعْيِ لِقَتْلِهِ وَصَلْبِهِ فِي مَخَافَةٍ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الْإِيوَاءِ فِي مَأْمَنٍ مِنْهُمْ، فَفِرَارُهُ إِلَى الْهِنْدِ وَمَوْتُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ عَقْلًا وَلَا نَقْلًا.
(الشُّبْهَةُ السَّابِعَةُ) يَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَأْخُذُونَ بِقَوْلِ إِنْجِيلِ بِرْنَابَا وَغَيْرِهِ بِالْمَوْضُوعِ، وَأَقْوَالِ مُبْتَدَعَةِ النَّصَارَى الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ يَهُوذَا هُوَ الَّذِي صُلِبَ لَا الْمَسِيحُ مَعَ أَنَّ يَهُوذَا قَدِ انْتَحَرَ كَمَا ثَبَتَ فِي الْإِنْجِيلِ.
وَنَقُولُ فِي الْجَوَابِ: اتَّفَقَتِ النَّصَارَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ يَهُوذَا الْإِسْخَرْيُوطِيَّ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَكَانَ يَهُوذَا رَجُلًا عَامِّيًّا مِنْ بَلْدَةٍ تُسَمَّى (خَرْيُوتَ) فِي أَرْضِ يَهُوذَا، تَبِعَ الْمَسِيحَ وَصَارَ مِنْ خَوَاصِّ أَتْبَاعِهِ الَّذِينَ يُلَقِّبُونَهُمْ بِالتَّلَامِيذِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَشَّرَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ مَعَهُ فِي الْمَلَكُوتِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا، وَيَدِينُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ; أَيْ يُحَاسِبُونَهُمْ فِي يَوْمِ الدِّينِ، وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّ يَهُوذَا كَانَ يُشْبِهُ الْمَسِيحَ فِي خَلْقِهِ، كَمَا نَقَلَ (جُورْجُ سَايِلْ) الْإِنْكِلِيزِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ لِلْقُرْآنِ الْمَجِيدِ فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَعَزَا هَذَا الْقَوْلَ إِلَى (السِّيرْتِثِيِّينَ وَالْكَرْبُوكْرَاتِيِّينَ) مِنْ أَقْدَمِ فِرَقِ النَّصَارَى الَّذِينَ أَنْكَرُوا صَلْبَ الْمَسِيحِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الَّذِي صُلِبَ هُوَ يَهُوذَا الَّذِي كَانَ يُشْبِهُهُ شَبَهًا تَامًّا.
وَقَالُوا: إِنَّ يَهُوذَا أَسِفَ وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ إِسْلَامِهِ الْمَسِيحَ إِلَى الْيَهُودِ حَتَّى حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى بَخْعِ نَفْسِهِ (الِانْتِحَارِ) فَذَهَبَ إِلَى حَقْلٍ، وَخَنَقَ نَفْسَهُ فِيهِ (مَتَّى 27: 3 -) 10) أَوْ عَلَّقَهَا (أَعْمَالٌ 1: 18) وَغَرَضُنَا مِنْ هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ أَنَّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ يَهُوذَا فُقِدَ بَعْدَ حَادِثَةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست