responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 353
لِأَنَّ لَهُ عِنْدَهُمْ مَالًا وَأَهْلًا، فَأَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا ; لِأَجْلِ حِمَايَةِ أَهْلِهِ. وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِمْ، وَلَا يُنَافِي زَوَالَ النَّهْيِ بِزَوَالِ سَبَبِهِ ; وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا النَّهْيِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ " الْمُمْتَحَنَةِ ": (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (60: 7 - 9) فَهَذِهِ الْآيَاتُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي كَوْنِ النَّهْيِ عَنِ الْوِلَايَةِ لِأَجْلِ الْعَدَاوَةِ، وَكَوْنِ الْقَوْمِ حَرْبًا، لَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِي الدِّينِ لِذَاتِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَالَفَ الْيَهُودَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ " لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ، وَلِلْمُسْلِمِينَ دِينُهُمْ " كَمَا أَمَرَهُ اللهُ أَنْ يَقُولَ لِجَمِيعِ الْمُخَالِفِينَ: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِي دِينِ)
(109: 6) .
وَقَدْ جَعَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ - كَالزَّمَخْشَرِيِّ وَالْبَيْضَاوِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا - الْوِلَايَةَ بِمَعْنَى الْمَوَدَّةِ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَاسْتِخْدَامِ الْمُخَالِفِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ " لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا "، وَدَعَّمُوا ذَلِكَ بِأَمْرِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِعَزْلِ كَاتِبِهِ النَّصْرَانِيِّ، وَالسِّيَاقُ يَأْبَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ حَاوَلَ الْمُتَقَدِّمُونَ جَعْلَ النَّهْيِ خَاصًّا بِمَنْ نَزَلَ فِيهِمْ مَعَ جَعْلِ الْوِلَايَةِ وِلَايَةَ النُّصْرَةِ، وَمَا أَبْعَدَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ.
قَالَ شَيْخُ الْمُفَسِّرِينَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - نَهَى الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا أَنْ يَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَنْصَارًا وَحُلَفَاءَ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَنِ اتَّخَذَهُمْ نَصِيرًا وَحَلِيفًا وَوَلَّيَا مَنْ دُونِ اللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ فِي التَّخْرِيبِ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْهُ بَرِيئَانِ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ وَحُلَفَائِهِمَا مِنَ الْيَهُودِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ بِسَبَبِ فِعْلِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي شَأْنِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَ السُّدِّيُّ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَرَادَ اللَّحَاقَ بِذَلِكَ الْيَهُودِيِّ، وَالْآخَرُ بِنَصْرَانِيٍّ بِالشَّامِ، وَلَمْ يَصِحَّ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ خَبَرٌ يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ حُجَّتُهُ، فَيَسْلَمَ لِصِحَّتِهِ الْقَوْلُ، وَيَجُوزُ مَا قَالَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيهِ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي لَا عِلْمَ عِنْدِنَا بِخِلَافِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مُنَافِقٍ كَانَ يُوَالِي يَهُودَ أَوْ نَصَارَى جَزَعًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ دَوَائِرِ الدَّهْرِ ; لِأَنَّ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ " اهـ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ: فَلَا تَعْتَمِدُوا عَلَيْهِمْ، وَلَا تُعَاشِرُوهُمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست