responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 298
مَنْ قَالَ: إِنِ الصَّلْبَ يَكُونُ بَعْدَ الْقَتْلِ لِأَجْلِ الْعِبْرَةِ، فَيُصْلَبُ الْمُجْرِمُ فِي النَّهَارِ، وَتُحْفَظُ جُثَّتُهُ لَيْلًا، ثُمَّ يُصْلَبُ فِي النَّهَارِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُصْلَبُ بَعْدَ الْقَتْلِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يُصْلَبُونَ أَحْيَاءَ لِيَمُوتُوا بِالصَّلْبِ كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنِ الصَّلْبُ عُقُوبَةً ثَانِيَةً، وَأَصْلُ مَعْنَى الصَّلَبِ بِالتَّحْرِيكِ وَالصَّلِيبِ فِي اللُّغَةِ: الْوَدَكُ (الدُّهْنُ) أَوْ وَدَكُ الْعِظَامِ الَّتِي يُعَدُّ صُلْبُ الظَّهْرِ جِذْعَ شَجَرَتِهَا، وَالصَّدِيدُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْمَيِّتِ. قَالَ فِي اللِّسَانِ: وَالصَّلْبُ مَصْدَرُ صَلَبَهُ يَصْلِبُهُ - بِكَسْرِ اللَّامِ - صَلْبًا، وَأَصْلُهُ مِنَ الصَّلِيبِ، وَهُوَ الْوَدَكُ أَوِ الصَّدِيدُ، وَالصَّلْبُ هَذِهِ الْقِتْلَةُ الْمَعْرُوفَةُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ صَلَبَهُ يَصْلُبُهُ صَلْبًا، وَصَلَّبَهُ شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ. . . وَالصَّلِيبُ: الْمَصْلُوبُ. انْتَهَى. وَيَعْنِي بِالْقِتْلَةِ الْمَعْرُوفَةِ أَنْ يُرْبَطَ الشَّخْصُ عَلَى خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، مُنْتَصِبَ الْقَامَةِ مَمْدُودَ الْيَدَيْنِ حَتَّى يَمُوتَ، وَكَانُوا يَطْعَنُونَ الْمَصْلُوبَ لِيُعَجِّلُوا مَوْتَهُ، وَالشَّكْلُ الَّذِي يُشْبِهُ الْمَصْلُوبَ يُسَمَّى صَلِيبًا.
وَأَمَّا تَقْطِيعُ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ مِنْ خِلَافٍ، فَمَعْنَاهُ إِذَا قُطِعَتِ الْيَدُ الْيُمْنَى تُقْطَعُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى، وَفِي هَذَا نَوْعٌ مَا مِنَ التَّكْرَارِ، فَصِيغَةُ التَّفْعِيلِ فِيهِ أَظْهَرُ مِمَّا قَبْلَهُ. وَمَا قُطِعَ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ يُحْسَمُ فِي الْحَالِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَالْحَسْمُ: كَيُّ الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ بِالنَّارِ أَوْ بِالزَّيْتِ وَهُوَ يَغْلِي ; لِكَيْلَا يَسْتَنْزِفَ الدَّمُ وَيَمُوتَ صَاحِبُهُ، وَفِي مَعْنَى الْحَسْمِ كُلُّ عِلَاجٍ يَحْصُلُ بِهِ الْمُرَادُ، وَرُبَّمَا كَانَ الْأَفْضَلُ مَا كَانَ أَسْرَعَ تَأْثِيرًا وَأَقَلَّ إِيلَامًا وَأَسْلَمَ عَاقِبَةً، عَمَلًا بِحَدِيثِ " إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ.
وَأَمَّا النَّفْيُ مِنَ الْأَرْضِ فَيَحْتَمِلُ لَفْظُ الْآيَةِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عُقُوبَةً مَعْطُوفَةً عَلَى مَا قَبْلَهَا، وَأَنْ يَكُونَ " أَوْ " بِمَعْنَى " إِلَّا أَنْ " أَيْ جَزَاؤُهُمْ مَا ذُكِرَ قَبْلُ، إِلَّا أَنْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ بِالْمُطَارَدَةِ، وَيُخْرَجُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لَا حُكْمَ وَلَا سُلْطَانَ لِلْإِسْلَامِ فِيهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ وَعَنِ السُّدِّيِّ وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُمْ يُطْلَبُونَ حَتَّى يُؤْخَذُوا أَوْ يَضْطَرُّهُمُ الطَّلَبُ إِلَى دَارِ الْكُفْرِ وَالْحَرْبِ إِذَا كَانُوا مُرْتَدِّينَ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُضْطَرُّ إِلَى الدُّخُولِ فِي دَارِ الْكُفْرِ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْمُخْتَارِ أَنْ يُنْفَى الْمُحَارِبُونَ مِنْ بَلَدِهِمْ أَوْ قُطْرِهِمُ الَّذِي أَفْسَدُوا فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ ; أَيْ إِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ، فَإِذَا كَانُوا كُفَّارًا جَازَ نَفْيُهُمْ إِلَى بَعْضِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَإِلَى بِلَادِ الْكُفْرِ ; لِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْضِ فِي الْآيَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ فِيهِ لِبِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَأَنْ يَكُونَ لِمَا وَقَعَ فِيهِ الْفَسَادُ مِنْهَا. وَحِكْمَةُ نَفْيِهِمْ إِلَى غَيْرِ تِلْكَ الْأَرْضِ وَرَاءَ كَوْنِ النَّفْيِ عِقَابًا ظَاهِرَةٌ ; وَهِيَ أَنَّ بَقَاءَهُمْ فِي الْأَرْضِ الَّتِي أَفْسَدُوا فِيهَا يُذَكِّرُهُمْ، وَيُذَكِّرُ أَهْلَهَا دَائِمًا بِمَا كَانَ مِنْهُمْ، وَهِيَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست