responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 276
اللَّذَانِ كَانَا يَحُثَّانِ الْقَوْمَ عَلَى الطَّاعَةِ وَدُخُولِ أَوَّلِ بَلَدٍ لِلْجَبَّارِينَ ; ثِقَةً بِوَعْدِ اللهِ وَتَأْيِيدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: (يَخَافُونَ) مَعْنَاهُ يَخَافُونَ اللهَ تَعَالَى، وَقِيلَ يَخَافُونَ الْجَبَّارِينَ، وَمَعْنَى النِّعْمَةِ هُنَا نِعْمَةُ الطَّاعَةِ وَالتَّوْفِيقِ حَتَّى فِي حَالِ الْخَوْفِ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ جُمْلَةِ الْخَائِفِينَ طَبْعًا (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ) أَيْ بَابَ الْمَدِينَةِ (فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ) بِنَصْرِ اللهِ وَتَأْيِيدِهِ لَكُمْ إِذَا أَطَعْتُمْ أَمْرَهُ، وَصَدَّقْتُمْ وَعْدَهُ (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أَيْ وَعَلَيْكُمْ، بَعْدَ أَنْ تَعْمَلُوا مَا يَدْخُلُ فِي طَاقَتِكُمْ مِنْ طَاعَةِ رَبِّكُمْ، أَنْ تَكِلُوا أَمْرَكُمْ إِلَيْهِ وَتَثِقُوا بِهِ فِيمَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ كَسْبُكُمْ، فَإِنَّ التَّوَكُّلَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ بَذْلِ الْوُسْعِ فِي مُرَاعَاةِ السُّنَّةِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِأَنَّ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ حَقٌّ، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْوَفَاءِ لَكُمْ بِوَعْدِهِ، إِذَا أَنْتُمْ قُمْتُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْكُمْ مِنْ طَاعَتِهِ وَشُكْرِهِ وَالْوَفَاءِ بِمِيثَاقِهِ وَعَهْدِهِ.
(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) أَيْ لَمْ تَنْفَعْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَوْعِظَةُ الرَّجُلَيْنِ، بَلْ أَصَرُّوا عَلَى التَّمَرُّدِ وَالْعِصْيَانِ، وَأَكَّدُوا لِمُوسَى بِالْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تِلْكَ الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا الْجَبَّارُونَ أَبَدًا - أَيْ مُدَّةَ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ - مَا دَامُوا فِيهَا ; لِأَنَّ دُخُولَهَا يَسْتَلْزِمُ الْقِتَالَ وَالْحَرْبَ، وَلَيْسُوا لِذَلِكَ بِأَهْلٍ، وَقَالُوا لِمُوسَى مَا مَعْنَاهُ: إِنْ كُنْتَ أَخْرَجْتَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِأَمْرِ رَبِّكَ ; لِنَسْكُنَ هَذِهِ الْأَرْضَ الَّتِي وَعَدَ بِهَا آبَاءَنَا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقِتَالِ وَأَنَّنَا لَا نُقَاتِلُ، فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ الَّذِي أَمَرَكَ بِذَلِكَ، فَقَاتِلَا الْجَبَّارِينَ، وَاسْتَأْصِلَا شَأْفَتَهُمْ، أَوِ اهْزِمَاهُمْ وَأَخْرِجَاهُمْ مِنْهَا، إِنَّا هَاهُنَا مُنْتَظِرُونَ وَمُتَوَقِّفُونَ، أَوْ قَاعِدُونَ عَنِ الْقِتَالِ، أَوْ غَيْرُ مُقَاتِلِينَ، فَقَدِ اسْتُعْمِلَ هَذَا اللَّفْظُ فِي هَذَا الْمَعْنَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالى: (وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ 9: 46) وَقَوْلِهِ: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ) (4: 95) الْآيَةَ. وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ حَمْلَ هَذَا الْقَوْلِ السَّمِجِ الْخَارِجِ مِنْ حُدُودِ الْآدَابِ عَلَى مَعْنًى مَجَازِيٍّ يَلِيقُ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ ; كَكَوْنِ الْمُرَادِ بِذَهَابِ الرَّبِّ إِعَانَتَهُ وَنَصْرَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ إِلَى مِثْلِ هَذَا مَعَ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ، وَكَانَ مِنْ فَسَادِ فِطْرَتِهِمْ وَجَفَاءِ طِبَاعِهِمْ مَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَالتَّوْرَاةُ الَّتِي فِي أَيْدِيهِمْ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَشَدَّ التَّأْيِيدِ، تَارَةً بِالْإِجْمَالِ،
وَتَارَةً بِأَوْسَعِ التَّفْصِيلِ. وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ صَفْوَةَ الْوَقَائِعِ، وَمَحَلَّ الْعِبْرَةِ فِيهَا، لَا تَرْجَمَةَ جَمِيعِ الْأَقْوَالِ بِحُرُوفِهَا، وَشَرْحَ الْأَعْمَالِ بِبَيَانِ جُزْئِيَّاتِهَا، فَمَا يَقُصُّهُ مِنْ أُمُورِ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُوَ الْوَاقِعُ وَرُوحُ مَا صَحَّ مِنْ كُتُبِهِمْ، أَوْ تَصْحِيحُ مَا حُرِّفَ مِنْهَا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنْهُ تَدُلُّ عَلَى مُنْتَهَى التَّمَرُّدِ، وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْعِصْيَانِ وَالْإِصْرَارِ عَلَيْهِ وَالْجَفَاءِ وَالْبُعْدِ عَنِ الْأَدَبِ، فَلَا وَجْهَ لِتَأْوِيلِهَا بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ.
(قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) هَذَا الْقَوْلُ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صُورَتُهُ خَبَرٌ، وَمَعْنَاهُ إِنْشَاءٌ، فَهُوَ مِنْ بَثِّ الْحُزْنِ وَالشَّكْوَى إِلَى اللهِ، وَالِاعْتِذَارِ إِلَيْهِ، وَالتَّنَصُّلِ مِنْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست