responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 26
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينِ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينِ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (4: 17، 18) وَقَوْلِهِ، تَعَالَى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (4: 31) وَقَوْلِهِ: إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (4: 48، 116) إِلَخْ.
فَمَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ فِي تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ، وَإِصْلَاحِهَا بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، بِقَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ، كَانَ مَقْبُولًا مَرْضِيًّا عِنْدَ اللهِ - تَعَالَى - وَلَا يُؤَاخِذُهُ - تَعَالَى - بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مَحْرُومًا مِنْ رِضْوَانِهِ الْأَكْبَرِ، وَلَا يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ شَفَاعَةُ شَافِعٍ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فِدَاءً لَوْ مَلَكَ الْفِدَاءَ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْ يَشْفَعَ لِأَحَدٍ لَمْ يُرْضِ اللهَ - تَعَالَى - بِالْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ الَّتِي يَغْلِبُ بِهَا الْحَقُّ وَالْخَيْرُ عَلَى ضِدِّهِمَا مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ
(2: 255) وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (21: 28) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ (2: 123) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ (2: 254) .
وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ، وَتَدْسِيَتِهَا بِعَمَلِ الْإِنْسَانِ وَكَسْبِهِ الِاخْتِيَارِيِّ، أَنَّ الْجَزَاءَ فِي الْآخِرَةِ أَثَرٌ لَازِمٌ لِلتَّزْكِيَةِ وَالتَّدْسِيَةِ، مُرَتَّبٌ عَلَيْهِمَا تَرَتُّبَ الْمُسَبَّبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ، وَالْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ، بِفَضْلِ اللهِ وَحِكْمَتِهِ، وَمُقْتَضَى سُنَّتِهِ فِي خَلْقِهِ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ (2: 261) وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ (4: 173) .
أَلَيْسَتْ هَذِهِ التَّعَالِيمُ الْإِسْلَامِيَّةُ هِيَ الَّتِي تَرْفَعُ قَدْرَ الْإِنْسَانِ، وَتُعْلِي هِمَّتَهُ، وَتَحْفِزُهُ إِلَى طَلَبِ الْكَمَالِ بِإِيمَانِهِ وَإِخْلَاصِهِ وَأَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ؟ أَلَيْسَتْ أَفْضَلَ وَأَنْفَعَ مِنْ الِاتِّكَالِ عَلَى تِلْكَ الْقِصَّةِ الصَّلِيبِيَّةِ الْمَأْثُورِ مِثْلُهَا عَنْ خُرَافَاتِ الْوَثَنِيِّينَ؟ الَّتِي لَا يُصَدِّقُهَا عَقْلٌ مُسْتَقِلٌّ، وَلَا يَطْمَئِنُّ بِهَا قَلْبٌ سَلِيمٌ، الْمُخَالِفَةِ لِسُنَنِ الْفِطْرَةِ وَنِظَامِ الْخِلْقَةِ، الَّتِي أَفْسَدَتِ الْعُقُولَ وَالْأَخْلَاقَ فِي الْمَمَالِكِ الصَّلِيبِيَّةِ مُنْذُ شَاعَتْ فِيهَا بِنُفُوذِ الْمَلِكِ قُسْطَنْطِينَ الصَّلِيبِيِّ، إِلَى أَنْ عَتَقَتْ أُورُبَّةُ مِنْ رِقِّ الْكَنِيسَةِ، بِنُورِ الْعِلْمِ وَالِاسْتِقْلَالِ اللَّذَيْنِ أَشْرَقَا عَلَيْهَا مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ. (وَلَكِنْ وَاأَسَفَا عَلَى ذَلِكَ النُّورِ الَّذِي ضُرِبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ، ظَاهِرُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَبَاطِنُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ، وَوَاشَوْقَاهُ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَنْدَكُّ فِيهِ هَذَا السُّورُ الَّذِي حَجَبَهُمْ عَنِ الْقُرْآنِ) .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست