responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 228
(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) . وَهَذَا التَّعْبِيرُ أَبْلَغُ مِنْ تَعَلُّقِ الْوَعْدِ بِالْمَوْعُودِ نَفْسِهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ سُورَةِ الْفَتْحِ: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (48: 29) لِأَنَّ مَا هُنَالِكَ خَبَرٌ وَاحِدٌ، لَا تَأْكِيدَ فِيهِ، وَلَا زِيَادَةَ عِنَايَةٍ بِتَقْرِيرِهِ، وَمَا هُنَا خَبَرٌ فِيهِ زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ أَوْ تَقْرِيرٍ لِلْوَعْدِ ; فَقَدْ وَعَدَ وَعَدًا مُجَمَلًا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تَتَوَجَّهَ النَّفْسُ لِلسُّؤَالِ عَنْ بَيَانِهِ، فَهَذَا خَبَرٌ مُسْتَقِلٌّ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ الْإِجْمَالَ بِخَبَرٍ آخَرَ أَثْبَتَ فِيهِ أَنَّ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ وَعَدَهُمْ وَعْدًا حَسَنًا، أَوْ جَزَاءً حَسَنًا، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ وَعْدَهُ مَفْعُولٌ، وَأَنْ لِهَؤُلَاءِ الْمَوْعُودِينَ عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا. هَذَا إِذَا جُعِلَتِ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا، وَهُوَ التَّقْدِيرُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُخْتَارُ، وَكَذَلِكَ إِذَا جُعِلَتِ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ بَابِ مَقُولِ الْقَوْلِ تَتَضَمَّنُ زِيَادَةَ التَّقْرِيرِ لِلْمَوْعُودِ بِهِ، وَالتَّأْكِيدِ لِوُقُوعِهِ. وَمَعْنَى الْمَغْفِرَةِ: أَنَّ إِيمَانَهُمْ وَعَمَلَهُمُ الصَّالِحَ يَسْتُرُ أَوْ يَمْحُو مِنْ نُفُوسِهِمْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ سُوءِ تَأْثِيرِ الْأَعْمَالِ السَّابِقَةِ، فَيَغْلِبُ فِيهَا حُبُّ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ، وَتَكُونُ صَالِحَةً لِجِوَارِ اللهِ تَعَالَى. وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ: هُوَ
الْجَزَاءُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ، الْمُضَاعَفُ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَلَمَّا بَيَّنَ الْوَعْدَ اقْتَضَى أَنْ يُبَيِّنَ الْوَعِيدَ، كَمَا هِيَ سُنَّةُ الْقُرْآنِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ، فَقَالَ:
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) الْمُرَادُ بِالْكُفْرِ هُنَا: الْكُفْرُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْكُفْرِ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ، وَالْكُفْرِ بِبَعْضٍ وَالْإِيمَانِ بِبَعْضٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ; لِأَنَّ الْكُفْرَ بِأَيِّ رَسُولٍ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ - مِمَّنْ يَعْقِلُ مَعْنَى الرِّسَالَةِ - إِلَّا عِنَادًا وَاسْتِكْبَارًا عَنْ طَاعَتِهِ تَعَالَى كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَةِ. وَآيَاتُ اللهِ تَعَالَى قِسْمَانِ: آيَاتُهُ الْمُنَزَّلَةُ عَلَى رَسُولِهِ، وَآيَاتُهُ الَّتِي أَقَامَهَا فِي الْأَنْفُسِ وَالْآفَاقِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَكَمَالِهِ وَتَنْزِيهِهِ، وَعَلَى صِدْقِ رُسُلِهِ فِيمَا يُبَلِّغُونَ عَنْهُ، فَهَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الْمُكَذِّبُونَ هُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ; أَيْ دَارِ الْعَذَابِ. وَالْجَحِيمُ: النَّارُ الْعَظِيمَةُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) وَمَعْلُومٌ مِنَ الْآيَاتِ الْأُخْرَى أَنَّهُمْ جَعَلُوا فِي هَذَا الْبُنْيَانِ نَارًا عَظِيمَةً، وَهَذَا هُوَ الْجَزَاءُ عَلَى الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ أَعْمَالِ الْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ، وَلَا يَنْفَعُ مَعَ مِثْلِ هَذَا الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ عَمَلٌ، فَإِنَّ إِفْسَادَهُ لِلْأَرْوَاحِ وَتَدْسِيَتَهُ لِلنُّفُوسِ لَا يَمْحُوهَا عَمَلٌ آخَرُ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ (وَهَلْ يُصْلِحُ الْعَطَّارُ مَا أَفْسَدَ الدَّهْرُ)
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ هَمَّ بِقَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهُ قَوْمُهُ لِذَلِكَ، وَكَانَ بِيَدِهِ السَّيْفُ، وَلَيْسَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِلَاحٌ، وَكَانَ مُنْفَرِدًا. وَأَقْوَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست