responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 215
الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (74: 4) وَقَوْلُهُ فِي النِّسَاءِ عِنْدَ الْحَيْضِ: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) أَيْ مِنَ الدَّمِ (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) أَيِ اغْتَسَلْنَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) وَخَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (2: 222) وَالتَّطَهُّرُ فِيهِ شَامِلٌ لِلطَّهَارَتَيْنِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ ; أَيِ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الْأَقْذَارِ وَالْأَحْدَاثِ، وَمِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ ; فَالسِّيَاقُ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَذِكْرُ التَّوْبَةِ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ السِّيَاقُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ مَنْ أَتَى الْحَائِضَ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ وَتَتَطَهَّرَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ. وَمِنَ الْمَعْنَى الثَّانِي خَاصَّةً قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) (5: 41) وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ لُوطٍ: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (27: 56) أَيْ مِنَ
الْفَاحِشَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (2: 125) أَيْ طَهِّرَاهُ مِنَ الْوَثَنِيَّةِ وَشَعَائِرِهَا وَمَظَاهِرِهَا ; كَالْأَصْنَامِ، وَالتَّمَاثِيلِ، وَالصُّوَرِ. وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي اسْتُعْمِلَتِ الطَّهَارَةُ فِيهَا بِمَعْنَيَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِرِينَ) (9: 108) فَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الْآيَاتِ، وَعَرَفْتَ اسْتِعْمَالَ الْقُرْآنِ لِكَلِمَةِ الطَّهَارَةِ فِي مَعْنَيَيْهَا تَرَجَّحَ عِنْدَكَ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي نُفَسِّرُهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَذِكْرُ الطَّهَارَةِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ قَرِينَةُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَالسِّيَاقُ الْعَامُّ وَذِكْرُ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ بِغَيْرِ مُتَعَلِّقٍ، قَرِينَةُ الْمَعْنَى الثَّانِي مَضْمُومًا إِلَى الْأَوَّلِ.
أَمَّا تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي حِكْمَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَيَتَضَمَّنُ حِكْمَةَ مَا يَجِبُ مِنْ طَهَارَةِ كُلِّ الْبَدَنِ وَالثِّيَابِ مِنَ الْقَذَرِ، فَيَدْخُلُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ نُبَيِّنُ فِيهِمَا فَوَائِدَهُمَا الذَّاتِيَّةَ، وَفَوَائِدَهُمَا الدِّينِيَّةَ.
الْفَوَائِدُ الذَّاتِيَّةُ لِلطَّهَارَةِ الْحِسِّيَّةِ: أَمَّا فَوَائِدُهُمَا الذَّاتِيَّةُ فَثَلَاثٌ (الْفَائِدَةُ الْأُولَى) : مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا مِنْ كَوْنِ غَسْلِ الْبَدَنِ كُلِّهِ وَغَسْلِ أَطْرَافِهِ، يُفِيدُ صَاحِبَهُ نَشَاطًا وَهِمَّةً، وَيُزِيلُ مَا يَعْرِضُ لِجَسَدِهِ مِنَ الْفُتُورِ وَالِاسْتِرْخَاءِ بِسَبَبِ الْحَدَثِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي تَنْتَهِي بِمِثْلِ تَأْثِيرِهِ، فَيَكُونُ جَدِيرًا بِأَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ عَلَى وَجْهِهَا، وَيُعْطِيَهَا حَقَّهَا مِنَ الْخُشُوعِ وَمُرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى، وَيَعْسُرُ هَذَا فِي حَالِ الْفُتُورِ وَالْكَسَلِ، وَالِاسْتِرْخَاءِ وَالْمَلَلِ، أَوِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَنَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا فَنَقُولُ: مِنَ الْمَعْرُوفِ عَقْلًا وَتَجْرِبَةً أَنَّ الطَّهَارَةَ دَوَاءٌ لِهَذِهِ الْعَوَارِضِ ; فَهِيَ بِمُقْتَضَى سُنَّةِ رَدِّ الْفِعْلِ تُفِيدُ الْمَقْرُورَ حَرَارَةً، وَالْمَحْرُورَ ابْتِرَادًا، وَتُزِيلُ الْفُتُورَ الَّذِي يَعْقُبُ خُرُوجَ الْفَضَلَاتِ مِنَ الْبَدَنِ ; كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ اللَّذَيْنِ يَضُرُّ احْتِبَاسُهُمَا ; كَاحْتِبَاسِ الرِّيحِ فِي الْبَطْنِ، فَالْحَاقِنُ مِنَ الْبَوْلِ، وَالْحَاقِبُ مِنَ الْغَائِطِ، وَالْحَازِقُ مِنَ الرِّيحِ ; كَالْمَرِيضِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ تُكْرَهُ صَلَاتُهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست