responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 206
عَارِضَةٍ، لَا يَطُولُ فِيهَا الْفَصْلُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ الَّذِينَ يَفْرِضُونَ وُقُوعَ مَا يَنْدُرُ وُقُوعُهُ فِي الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ ; فَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى وُجُوبِهَا، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ عَنْهُ إِلَى سُنِّيَّتِهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ تَعَارُضُ الْأَحَادِيثِ فِي مَنْ تَوَضَّأَ فَكَانَ فِي رِجْلِهِ لَمْعَةٌ، أَوْ مَوْضِعُ ظُفْرٍ لَمْ يُصِبْهُ
الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ فِي حَدِيثٍ، وَبِإِحْسَانِ الْوُضُوءِ فِي حَدِيثٍ أَصَحَّ، وَالِاحْتِيَاطُ أَلَّا تُتْرَكَ الْمُوَالَاةُ، وَالْعُمْدَةُ فِيهَا أَلَّا يَقْطَعَ الْمُتَوَضِّئُ وُضُوءَهُ بِعَمَلٍ أَجْنَبِيٍّ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ انْصِرَافًا عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: " إِذَا جَفَّ بَعْضُ الْأَعْضَاءِ قَبْلَ إِتْمَامِ الْوُضُوءِ، انْقَطَعَتِ الْمُوَالَاةُ "، وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَقَدْ يَجِفُّ بَعْضُ الْأَعْضَاءِ بِسُرْعَةٍ فِي الْهَوَاءِ الْحَارِّ الْجَافِّ، وَلَا يُعَدُّ الْمُتَوَضِّئُ مُنْقَطِعًا عَنْ وُضُوئِهِ، وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا يَعْرِفُهُ النَّاسُ بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَلَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّهُ مَسَحَ بِالرَّأْسِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَغْسِلَ كُلَّ عُضْوٍ ثَلَاثًا، وَأَنْ يَمْسَحَ الرَّأْسَ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَكَذَلِكَ الْخُفُّ.
غَسْلُ الْكَفَّيْنِ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ، وَمَسْحُ الْعُنُقِ: سَيَأْتِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ غَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ، فَهُوَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ بِاتِّفَاقِ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الزَّيْدِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَمُجَرَّدُ الْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَكِنَّهُمْ دَعَّمُوهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ مَرْفُوعًا إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا ; فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَكَلِمَةُ (ثَلَاثًا) فِي مَا عَدَا رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ، وَالْمُرَادُ لَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ يُرِيدُ تَنَاوُلَهُ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ سَبَبَهُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنَامُونَ بِالْإِزَارِ، وَلَا يَلْبَسُونَ السَّرَاوِيلَاتِ إِلَّا قَلِيلًا، وَكَانُوا - كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - يَسْتَنْجُونَ بِالْحِجَارَةِ، وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ، فَلَا يَأْمَنُ النَّائِمُ أَنْ تَطُولَ يَدُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ النَّجِسِ، أَوْ عَلَى قَذَرٍ غَيْرِهِ ; فَالْأَمْرُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ لِمَنْ يُرِيدُ غَمْسَهُمَا فِي الْإِنَاءِ وَاجِبٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَهِيَ حَالُ تَغْلِيبِ النَّجَاسَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُرَجَّحُ فِيهِ الْغَالِبُ عَلَى الْأَصْلِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي الْيَدِ الطَّهَارَةُ، وَقَدْ حَمَلَ الْجُمْهُورُ الْحَدِيثَ عَلَى إِفَادَةِ كَرَاهَةِ غَمْسِ الْيَدَيْنِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا، وَنَدْبِ الْغُسْلِ قَبْلَهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ، وَالْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ، وَلَكِنْ خَصَّهُ بِنَوْمِ اللَّيْلِ ; لِأَنَّهُ رَوَاهُ هُوَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: " إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ "، قَالَ النَّوَوِيُّ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ: إِنْ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ كُرِهَ لَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ،
وَإِنْ قَامَ مَنْ نَوْمِ النَّهَارِ كُرِهَ لَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.
(قَالَ) : وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ، بَلِ الْمُعْتَبَرُ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةِ الْيَدِ، فَمَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا كُرِهَ لَهُ غَمْسُهَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا؛ سَوَاءٌ كَانَ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ، أَوْ نَوْمِ النَّهَارِ، أَوْ شَكَّ. وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي الْوُضُوءِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست