responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 16
بَهْتَ أُمِّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَهُوَ قَذْفُهَا بِالْفَاحِشَةِ. وَالْبُهْتَانُ: الْكَذِبُ
الَّذِي يَبْهَتُ مَنْ يُقَالُ فِيهِ ; أَيْ يُدْهِشُهُ، وَيُحَيِّرُهُ لِبُعْدِهِ عَنْهُ، وَغَرَابَتِهِ عِنْدَهُ، يُقَالُ: قَالَ فُلَانٌ الْبُهْتَانَ، وَقَوْلُهُ الْبُهْتَانُ، وَقَالَ الزُّورَ، وَفِي حَدِيثِ الْكَبَائِرِ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ. أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ، كَمَا يَقُولُ فِي مُقَابِلِهِ: قَالَ الْحَقَّ. قَوْلُهُ الْحَقُّ، وَوَصَفَ الْبُهْتَانَ بِالتَّعْظِيمِ، وَأَيُّ بُهْتَانٍ تُبْهَتُ بِهِ الْعَذْرَاءُ التَّقِيَّةُ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ أَيْ: فَهَذَا الْكُفْرُ وَالْبُهْتَانُ مِنْ أَسْبَابِ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَلَعْنَتِهِ، وَمِنْ تَوَابِعِهِ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلُهُ.
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ أَيْ: وَبِسَبَبِ قَوْلِهِمْ هَذَا فَإِنَّهُ قَوْلٌ يُؤْذِنُ بِمُنْتَهَى الْجَرْأَةِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَالضَّرَاوَةِ بِارْتِكَابِ الْجَرَائِمِ، وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللهِ وَرُسُلِهِ. وَوَصْفُهُ هُنَا بِصِفَةِ الرِّسَالَةِ لِلْإِيذَانِ بِتَهَكُّمِهِمْ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِدَعْوَتِهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ فِيهِمْ، لَا الْأُلُوهِيَّةَ كَمَا تَزْعُمُ النَّصَارَى. عَلَى أَنَّ أَنَاجِيلَهُمْ نَاطِقَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ مُوَحِّدًا لِلَّهِ - تَعَالَى - مُدَّعِيًا لِلرِّسَالَةِ ; كَقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا (3:17 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الْإِلَهُ الْحَقِيقِيُّ وَحْدَكَ، وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ) .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: رَسُولَ اللهِ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَدْحِ، أَوْ الِاخْتِصَاصِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى فَظَاعَةِ عَمَلِهِمْ، وَدَرَجَةِ جَهْلِهِمْ، وَشَنَاعَةِ زَعْمِهِمْ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ، كَمَا زَعَمُوا تَبَجُّحًا بِالْجَرِيمَةِ، وَمَا صَلَبُوهُ كَمَا ادَّعَوْا وَشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ أَيْ وَقَعَ لَهُمُ الشُّبْهَةُ أَوِ الشَّبَهُ ; فَظَنُّوا أَنَّهُمْ صَلَبُوا عِيسَى، وَإِنَّمَا صَلَبُوا غَيْرَهُ، وَمِثْلُ هَذَا الشَّبَهِ أَوْ الِاشْتِبَاهِ يَقَعُ فِي كُلِّ زَمَانٍ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ قَرِيبًا وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ أَيْ: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي شَأْنِ عِيسَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي شَكٍّ مِنْ حَقِيقَةِ أَمْرِهِ ; أَيْ فِي حَيْرَةٍ، وَتَرَدُّدٍ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ثَابِتٍ قَطْعِيٍّ. لَكِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ أَيِ الْقَرَائِنَ الَّتِي تُرَجِّحُ بَعْضَ الْآرَاءِ الْخِلَافِيَّةِ عَلَى بَعْضٍ. فَالشَّكُّ الَّذِي هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ شَامِلٌ لِمَجْمُوعِهِمْ، لَا لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِمْ، هَذَا إِذَا كَانَ كَمَا يَقُولُ عُلَمَاءُ الْمَنْطِقِ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِيمَا تَسَاوَى طَرَفَاهُ بِحَيْثُ لَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ فِي أَمْرِهِ هُمْ أَفْرَادٌ رَجَّحُوا بَعْضَ مَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ عَلَى بَعْضٍ، بِالْقَرَائِنِ أَوْ بِالْهَوَى وَالْمَيْلِ. وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مَعْنًى
اصْطِلَاحِيٌّ لِلشَّكِّ، وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ، فَهُوَ نَحْوٌ مِنْ مَعْنَى الْجَهْلِ، وَعَدَمِ اسْتِبَانَةِ مَا يَجُولُ فِي الذِّهْنِ مِنَ الْأَمْرِ، قَالَ الرَّكَّاضُ الدَّبِيرِيُّ:
يَشُكُّ عَلَيْكَ الْأَمْرُ مَا دَامَ مُقْبِلًا ... وَتَعْرِفُ مَا فِيهِ إِذَا هُوَ أَدْبَرَا
فَجَعَلَ الْمَعْرِفَةَ فِي مُقَابَلَةِ الشَّكِّ. وَقَالَ ابْنُ الْأَحْمَرِ:
وَأَشْيَاءٌ مِمَّا يَعْطِفُ الْمَرْءَ ذَا النُّهَى ... تَشُكُّ عَلَى قَلْبِي فَمَا أَسْتَبِينُهَا
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ الشَّكَّ ضِدُّ الْيَقِينِ. فَهُوَ إذًا يَشْمَلُ الظَّنَّ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَنْطِقِ، وَهُوَ مَا تَرَجَّحَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ. فَالشَّكُّ فِي صَلْبِ الْمَسِيحِ هُوَ التَّرَدُّدُ فِيهِ، أَكَانَ هُوَ الْمَصْلُوبَ
،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست