responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 14
الْحَيَاةِ مَعَكُمُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَى الرَّبِّ فَكَيْفَ بَعْدَ مَوْتِي 28 اجْمَعُوا إِلَيَّ شُيُوخَ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ حَتَّى أَتْلُوَ عَلَى مَسَامِعِكُمْ هَذَا الْكَلَامَ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمُ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ 29 فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي سَتُفْسِدُونَ وَتَعْدِلُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي سَنَنْتُهَا لَكُمْ فَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الْأَيَّامِ إِذَا صَنَعْتُمُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَيْثُ تُسْخِطُونَهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ 30 وَتَلَا مُوسَى عَلَى مَسَامِعِ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ كَلَامَ هَذَا النَّشِيدِ إِلَى آخِرِهِ.
أَمَّا النَّشِيدُ الَّذِي وَثَّقَ بِهِ الْعَهْدَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّلَاثِينَ إِلَى الْجُمْلَةِ (43) مِنْهُ وَأَوَّلُهُ: " أَنْصِتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ فَأَتَكَلَّمُ وَتَسْتَمِعُ الْأَرْضُ لِأَقْوَالِ فِيَّ " وَبَعْدَهَا أَمَرَهُ اللهُ بِأَنْ يَمُوتَ وَبَارَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَهِيَ آخِرُ وَحْيِهِ إِلَيْهِ فَقَالَ: " 33:2 أَقْبَلَ الرَّبُّ مِنْ سَيْنَاءَ وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَاعِيرَ وَتَجَلَّى مِنْ جَبَلِ فَارَانَ (وَتَرْجَمَةُ الْبُرُونُسْتَانِ، وَتَلَأْلَأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ) وَأَتَى مِنْ رُبُوَاتِ الْقُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ قَبَسُ نَارِ شَرِيعَةٍ لَهُمْ، وَفَارَانُ هِيَ مَكَّةُ كَمَا ذُكِرَ فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ، وَفِي الْفَصْلِ (21) مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ أَنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَى هَاجَرَ بِأَنَّهُ سَيَجْعَلُ وَلَدَهَا إِسْمَاعِيلَ (أُمَّةً عَظِيمَةً) وَأَنَّهُ " 21 سَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ " وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ سَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ الَّتِي بَنَى بِهَا هُوَ وَوَالِدُهُ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ، وَبِهِ تَكَوَّنَتْ
مَكَّةُ، وَجَبَلُ فَارَانَ هُوَ أَبُو قُبَيْسٍ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ الْوَحْيُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ. فَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ قَدْ نَقَضُوا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ الْغَلِيظَ عَلَيْهِمْ بِحِفْظِ التَّوْرَاةِ كَمَا تَنَبَّأَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ عِنْدَ أَخْذِ الْمِيثَاقِ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يُسْتَغْرَبُ مِنْهُمْ تَحْرِيفُ بِشَارَتِهِ بِعِيسَى وَمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُشَاقَّتُهُمَا؟ قَالَ، تَعَالَى:
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ أَيْ فَبِسَبَبِ نَقْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِمِيثَاقِهِمُ الَّذِي وَاثَقَهُمُ اللهُ بِهِ إِذْ نَكَثُوا فَتْلَهُ، وَأَحَلُّوا مَا حَرَّمَهُ وَحَرَّمُوا مَا أَحَلَّهُ، وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ الَّتِي أَرَاهُمْ مِنْهَا مَا لَمْ يَرَهُ سِوَاهُمْ، وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ بُعِثُوا لِهِدَايَتِهِمْ، كَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقَوْلِهِمْ: قُلُوبُنَا غُلْفٌ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمُ الَّتِي يَذْكُرُ أَهَمَّ كَبَائِرِهَا فِي الْآيَاتِ الْآتِيَةِ ; أَيْ بِسَبَبِ هَذَا كُلِّهِ فَعَلْنَا بِهِمْ مَا فَعَلْنَا مِنَ اللَّعْنِ وَالْغَضَبِ وَضَرْبِ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَإِزَالَةِ الْمُلْكِ وَالِاسْتِقْلَالِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الذُّنُوبَ قَدْ مَزَّقَتْ نَسِيجَ وَحْدَتِهِمْ، وَفَرَّقَتْ شَمْلَ أُمَّتِهِمْ، وَذَهَبَتْ بِرِيحِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ، وَأَفْسَدَتْ جَمِيعَ أَخْلَاقِهِمْ، فَكُلُّ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ هُوَ أَثَرُ ذَلِكَ النَّقْصِ وَالْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ.
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا عُرِفَ مِنْ حَالِهِمْ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي التَّارِيخِ وَالْعَيَانِ، وَمِثْلُ هَذَا الْحَذْفِ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ، وَكَلِمَةُ " مَا " الْفَاصِلَةُ بَيْنَ الْبَاءِ وَقَوْلِهِ: " نَقْضِهِمْ " تُفِيدُ التَّأْكِيدَ سَوَاءٌ كَانَتْ مَزِيدَةً فِي الْإِعْرَابِ، أَوْ نَكِرَةً تَامَّةً وَمَجْرُورَةً بِالْبَاءِ، وَ " نَقْضِهِمْ " بَدَلٌ مِنْهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ:

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 6  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست