responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 93
لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَمَّا أَوَّلُ النَّهَارِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى وَقْتِ الظَّهِيرَةِ، فَهُوَ وَقْتُ الْعَمَلِ وَالْكَسْبِ لِأَكْثَرِ النَّاسِ، وَيَقِلُّ أَنْ يَسْكَرَ فِيهِ غَيْرُ الْمُتْرَفِينَ الَّذِينَ لَا عَمَلَ لَهُمْ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُمْ كَانُوا بَعْدَ نُزُولِهَا يَشْرَبُونَ بَعْدَ الْعَشَاءِ فَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا وَقَدْ زَالَ السُّكْرُ، وَصَارُوا يَعْلَمُونَ مَا يَقُولُونَ قَالَ:
(ثَانِيهَا) : أَنَّ الْأَمْرَ مُوَجَّهٌ إِلَى جُمْهُورِ الْمُؤْمِنِينَ ; لِأَنَّهُمْ مُتَكَافِلُونَ مَأْمُورُونَ بِمَنْعِ الْمُنْكَرِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَمْنَعُوا السَّكْرَانَ مِنَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، فَالْأَمْرُ عَلَى حَدِّ: فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا (4: 35) ، أَيْ عَلَى حَدِّ الْأَقْوَالِ إِذْ يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَانِ.
(ثَالِثُهَا) : أَنَّ السُّكْرَ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْغُوَاةُ لَا يُنَافِي فَهْمَ الْخِطَابِ، وَهُوَ النَّشْوَةُ وَالسُّرُورُ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَفْهَمُ السَّكْرَانُ وَيَفْهَمُ وَيَصِحُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَيْهِ الْخِطَابُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَضْبِطُ أَعْمَالَهُ وَأَفْكَارَهُ وَأَقْوَالَهُ بِالتَّفْصِيلِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ فَأَمَّا مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ السَّكْرَانُ مِمَّا لَا يَقْصِدُ فَصَاحِبُهُ لَا يُخَاطَبُ فِيهِ، وَهُوَ مَا عَرَّفَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ السَّكْرَانَ إِذْ قَالَ: إِنَّهُ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ فِي مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ لِلنَّهْيِ يُفِيدُ أَنَّ الْعِلْمَ بِمَا يَقُولُهُ الْإِنْسَانُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ تِلَاوَةٍ وَذِكْرٍ وَاجِبٌ أَوْ شَرْطٌ، وَالْعِلْمُ بِهِ فَهْمُهُ ; وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا أَيْ إِلَى أَنْ يُحْسِنَهَا أَوْ يَعْجِزَ، هَذَا هُوَ حَاصِلُ الْمَعْنَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ حَقِيقَتُهَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَوْضِعُهَا فَالْمُرَادُ تَنْزِيهُ الْمَسَاجِدِ وَهِيَ بُيُوتُ اللهِ عَنِ اللَّغْوِ وَالْكَلَامِ الْبَاطِلِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَبْدُرَ مِنَ السَّكْرَانِ.
أَقُولُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَالَ: " صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا فَدَعَانَا، وَسَقَانَا مِنَ الْخَمْرِ، فَأَخَذَتْ مِنَّا وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَدَّمُونِي فَقَرَأْتُ: " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، فَنَزَلَتْ "، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّ إِمَامَ الْقَوْمِ يَوْمَئِذٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا كَانَتِ الْخَمْرُ مُبَاحَةً "، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ حَقِيقَتُهَا، وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ،
وَالضَّحَّاكِ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ هُنَا مَوَاضِعُهَا، وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا بِنَاءً عَلَى تَجْوِيزِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَرُوِيَ عَنْ جَعْفَرٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّكْرِ سُكْرُ النُّعَاسِ وَغَلَبَةِ النَّوْمِ، وَلَعَلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ شَبَّهَ النُّعَاسَ بِالسُّكْرِ وَجَعَلَ حُكْمَهُ كَحُكْمِهِ، فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِهِ وَالْعِلَّةُ فِي قِيَاسِهِ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مَرْفُوعًا " إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ "، " وَحَتَّى " لِلْغَايَةِ وَفِي بَعْضِ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست