responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 45
رَجُلًا ثُمَّ يَخْرُجَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ يُقَاتِلُهُ " فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ لَا يُحِيطُ بِالْعَدَدِ كُلِّهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى حَدٍّ جَامِعٍ فَيَبْقَى لَا مَحَالَةَ مُبْهَمًا اهـ.
وَقَالَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ الثَّانِي، وَهُوَ تَمَامُ التَّوْبَةِ، وَشُرُوطُهَا، وَدَوَامُهَا:
" وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَيَجِبُ أَنْ يُفَتِّشَ فِي أَوَّلِ بُلُوغِهِ عَنْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَلِسَانِهِ وَبَطْنِهِ وَيَدِهِ
وَفَرْجِهِ وَسَائِرِ جَوَارِحِهِ، ثُمَّ يَنْظُرَ فِي جَمِيعِ أَيَّامِهِ وَسَاعَاتِهِ، وَيُفَصِّلَ عِنْدَ نَفْسِهِ دِيوَانَ مَعَاصِيهِ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى جَمِيعِهَا صَغَائِرِهَا وَكَبَائِرِهَا، ثُمَّ يَنْظُرَ فِيهَا فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَظْلَمَةِ الْعِبَادِ كَنَظَرٍ إِلَى غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَقُعُودٍ فِي مَسْجِدٍ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَمَسِّ مُصْحَفٍ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، وَاعْتِقَادِ بِدْعَةٍ، وَشُرْبِ خَمْرٍ، وَسَمَاعِ مَلَاهٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِمَظَالِمِ الْعِبَادِ فَالتَّوْبَةُ عَنْهَا بِالنَّدَمِ وَالتَّحَسُّرِ عَلَيْهَا، وَبِأَنْ يَحْسِبَ مِقْدَارَهَا مِنْ حَيْثُ الْكِبَرِ، وَمِنْ حَيْثُ الْمُدَّةِ، وَيَطْلُبَ لِكُلِّ مَعْصِيَةٍ مِنْهَا حَسَنَةً تُنَاسِبُهَا، فَيَأْتِيَ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِمِقْدَارِ تِلْكَ السَّيِّئَاتِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا بَلْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ (11: 114) ، فَيُكَفِّرُ سَمَاعَ الْمَلَاهِي بِسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَبِمَجَالِسِ الذِّكْرِ، وَيُكَفِّرُ الْقُعُودَ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا بِالِاعْتِكَافِ فِيهِ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ، وَيُكَفِّرُ مَسَّ الْمُصْحَفِ مُحْدِثًا بِإِكْرَامِ الْمُصْحَفِ وَكَثْرَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مِنْهُ، وَكَثْرَةِ تَقْبِيلِهِ وَبِأَنْ يَكْتُبَ مُصْحَفًا وَيَجْعَلَهُ وَقْفًا، وَيُكَفِّرُ شُرْبَ الْخَمْرِ بِالتَّصَدُّقِ بِشَرَابٍ حَلَالٍ هُوَ أَطْيَبُ مِنْهُ وَأَحَبُّ إِلَيْهِ، وَعَدُّ جَمِيعِ الْمَعَاصِي غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْمُضَادَّةِ، فَإِنَّ الْمَرَضَ يُعَالَجُ بِضِدِّهِ فَكُلُّ ظُلْمَةٍ ارْتَفَعَتْ إِلَى الْقَلْبِ لَا يَمْحُوهَا إِلَّا نُورٌ يَرْتَفِعُ إِلَيْهَا بِحَسَنَةٍ تُضَادُّهَا، وَالْمُتَضَادَّاتُ هِيَ الْمُتَنَاسِبَاتُ ; فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تُمْحَى كُلُّ سَيِّئَةٍ بِحَسَنَةٍ مِنْ جِنْسِهَا لَكِنْ تُضَادُّهَا، فَإِنَّ السَّوَادَ يُزَالُ بِالْبَيَاضِ لَا بِالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، وَهَذَا التَّدْرِيجُ وَالتَّحْقِيقُ مِنَ التَّلَطُّفِ فِي طَرِيقَةِ الْمَحْوِ، فَالرَّجَاءُ فِيهِ أَصْدَقُ، وَالثِّقَةُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا مُؤَثِّرًا فِي الْمَحْوِ.
فَهَذَا حُكْمُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ يُكَفَّرُ بِضِدِّهِ، وَأَنَّ حُبَّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ، وَأَثَرَ اتِّبَاعِ الدُّنْيَا فِي الْقَلْبِ السُّرُورُ بِهَا وَالْحَنِينُ إِلَيْهَا، فَلَا جَرَمَ كَانَ كُلُّ أَذًى يُصِيبُ الْمُسْلِمَ يَنْبُو بِسَبَبِهِ قَلْبُهُ عَنِ الدُّنْيَا يَكُونُ كَفَّارَةً لَهُ ; إِذِ الْقَلْبُ يَتَجَافَى بِالْهُمُومِ وَالْغُمُومِ عَنْ دَارِ الْهُمُومِ، قَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: مِنَ الذُّنُوبِ ذُنُوبٌ لَا يُكَفِّرُهَا إِلَّا الْهُمُومُ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: إِلَّا الْهَمُّ بِطَلَبِ الْمَعِيشَةِ انْتَهَى الْمُرَادُ هُنَا.
وَلَهُ فِي هَذَا الْمَنْحَى كَلَامٌ كَثِيرٌ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَكْفِيرَ
الْحَسَنَاتِ لِلسَّيِّئَاتِ إِنَّمَا يَكُونُ بِإِذْهَابِ أَثَرِهَا السَّيِّئِ مِنَ النَّفْسِ وَهُوَ الْأُنْسُ بِالْبَاطِلِ وَالشَّرِّ، وَالرَّغْبَةُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست