responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 382
أَعْدَاءَ أُمَّتِهِمْ، وَيَتَّخِذُونَ لَهُمْ يَدًا عِنْدَهُمْ، يَمُتُّونَ بِهَا إِلَيْهِمْ إِذَا دَالَتِ الدَّوْلَةُ لَهُمْ، وَسَيَأْتِي فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ بَيَانُ ذَبْذَبَتُهُمْ، وَلَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَى كُلٍّ مِنَ الْأُمَّتَيْنِ حَالُهُمْ.
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
فَهُمْ يَهْدِمُونَ بِنَاءَ الثِّقَةِ بِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ، وَكَأَيِّنْ مِنْ مُنَافِقٍ كَانَتْ خِيَانَتُهُ لِأُمَّتِهِ وَمُسَاعَدَةُ أَعْدَائِهَا عَلَيْهَا سَبَبًا لِهَلَاكِهِ بِأَيْدِي أُولَئِكَ الْأَعْدَاءِ أَنْفُسِهِمْ، وَقَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَ فِي هَذَا خَيْرٌ لَكَانَ قَوْمُهُ أَوْلَى بِخَيْرِهِ مِنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُمْ، فَإِنْ كَانَ قَدْ خَانَهُمْ فَسَتَكُونُ خِيَانَتُهُ لَنَا أَشَدَّ، وَالنَّاسُ يَقْرَءُونَ أَخْبَارَ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارِ فِي كُتُبِ التَّارِيخِ وَلَا يَعْتَبِرُونَ وَيَكْثُرُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ فِي طَوْرِ ضِعْفِ الْأُمَّةِ وَقُوَّةِ أَعْدَائِهَا ; لِأَنَّهُمْ طُلَّابُ الْمَنَافِعِ وَلَوْ فِيمَا يَضُرُّ أُمَّتَهُمْ وَالنَّاسَ أَجْمَعِينَ، وَإِنَّمَا تُلْتَمَسُ الْمَنَافِعُ مِنَ الْأَقْوِيَاءِ وَإِنِ اقْتَرَنَ الْتِمَاسُهَا بِالْعَارِ، وَالذُّلِّ وَالصَّغَارِ.
وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى، أَيْ: مُتَثَاقِلِينَ لَا رَغْبَةَ تَبْعَثُهُمْ وَلَا نَشَاطَ ; لِأَنَّهُمْ لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ لَا يَرْجُونَ فِيهَا ثَوَابًا فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَبْتَغُونَ بِهَا تَرْبِيَةَ مَلَكَةِ مُرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى وَحُبِّهِ وَالْأُنْسِ بِذِكْرِهِ وَمُنَاجَاتِهِ لِتَنْتَهِيَ نُفُوسُهُمْ بِذَلِكَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَتَكُونَ أَهْلًا لِرِضْوَانِ اللهِ الْأَكْبَرِ، كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَهُمْ كُلْفَةٌ مُسْتَثْقَلَةٌ، فَإِذَا كَانُوا بِمَعْزِلٍ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ تَرَكُوهَا، وَإِذَا كَانُوا مَعَهُمْ سَايَرُوهُمْ بِالْقِيَامِ إِلَيْهَا يُرَاءُونَ النَّاسَ بِهَا، أَيْ: يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ أَنْ يَرَاهُمُ النَّاسُ الْمُؤْمِنُونَ فَيَعُدُّوهُمْ مِنْهُمْ، فَالْكَسَلُ: التَّثَاقُلُ عَمَّا يَنْبَغِي النَّشَاطُ فِيهِ، وَالْمُرَاءَاةُ
أَنْ يَكُونَ الْمَرْءُ الَّذِي يُرَائِيكَ بِحَيْثُ تَرَاهُ كَمَا يَرَاكَ، فَهُوَ فِعْلُ مُشَارَكَةٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا، قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ إِلَّا بِالْأَذْكَارِ الْجَهْرِيَّةِ الَّتِي يَسْمَعُهَا النَّاسُ كَالتَّكْبِيرَاتِ، وَقَوْلُ: " سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ " عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَالسَّلَامِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ هُنَا ذِكْرُ النَّفْسِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ هَذَا مِنَ الْمُرْتَابِينَ دُونَ الْجَاحِدِينَ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصَّلَاةُ أَيْ لَا يُصَلُّونَ إِلَّا قَلِيلًا، وَذَلِكَ إِذَا أَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ وَهُمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَرِيبَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تُرَادَ كُلُّهَا مِنَ اللَّفْظِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَلَعَلَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَقْوَاهَا، هَذِهِ حَالُ مُنَافِقِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَمُنَافِقُو هَذَا الْعَصْرِ الْأَخِيرِ شَرٌّ مِنْهُمْ لَا يَقُومُونَ إِلَى الصَّلَاةِ أَلْبَتَّةَ، وَلَا يَرَوْنَ لِلْمُؤْمِنِينَ قِيمَةً فِي دُنْيَاهُمْ فَيُرَاءُوهُمْ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَقَعُ الرِّيَاءُ بِالصَّلَاةِ مِنْ بَعْضِهِمْ إِذَا صَارُوا وُزَرَاءَ وَحَضَرُوا مَعَ السَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ بَعْضَ الْمَوَاسِمِ الدِّينِيَّةِ الرَّسْمِيَّةِ، وَقَلَّمَا يَحْضُرُونَ مَعَهُمْ غَيْرَ الْمَوَاسِمِ الْمُبْتَدَعَةِ كَلَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ.
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ الرَّاغِبُ: الذَّبْذَبَةُ حِكَايَةُ صَوْتِ الْحَرَكَةِ لِلشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِكُلِّ اضْطِرَابٍ وَحَرَكَةٍ، قَالَ تَعَالَى: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ: مُضْطَرِّينَ مَائِلِينَ تَارَةً إِلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَتَارَةً إِلَى الْكَافِرِينَ "، وَقِيلَ: بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ، وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ قَوْلُهُ:

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست