responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 346
الْمُذْنِبَ الْخَاطِئَ وَالضَّعِيفَ الْمُقَصِّرَ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُخَاطِبَ الْإِلَهَ الْعَظِيمَ كِفَاحًا وَلَا أَنْ يَدْعُوَهُ مُبَاشَرَةً، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ وَلِيًّا يَكُونُ وَاسِطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، كَمَا يَتَّخِذُ آحَادُ الرَّعِيَّةِ الْوَسَائِطَ إِلَى الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ يَكُونُ صَاحِبُ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ النَّظَرِيَّةِ مُقَلِّدًا فِيهَا بِالرَّأْيِ وَالْقَوْلِ الَّذِي يُسَمِّيهِ حُجَّةً وَدَلِيلًا سَلِيمَ الْوِجْدَانِ مِنْ تَأْثِيرِهَا لِعَدَمِ التَّقْلِيدِ فِيهَا بِتَكْرَارِ الْعَمَلِ فَهُوَ لَا يُلَابِسُهُ إِلَّا قَلِيلًا، وَكَذَلِكَ مَنْ يُشْرِكْ فِي رُبُوبِيَّةِ اللهِ - تَعَالَى - بِاتِّخَاذِ بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ شَارِعِينَ يُحِلُّونَ لَهُ مَا يَرَوْنَ تَحْلِيلَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِ مَا يَرَوْنَ تَحْرِيمَهُ، فَيَتَّبِعُهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ يُشْرِكُ بِاللهِ أَيَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ فَقَدْ ضَلَّ عَنِ الْقَصْدِ، وَتَنَكَّبَ سَبِيلَ الرُّشْدِ ضَلَالًا بَعِيدًا عَنْ صِرَاطِ الْهِدَايَةِ، مُوغِلًا فِي مَهَامِّهِ الْغَوَايَةَ ; لِأَنَّهُ ضَلَالٌ يُفْسِدُ الْعَقْلَ وَيُدَسِّي النَّفْسَ فَيَخْضَعُ صَاحِبُهُ وَيَسْتَخْذِي لِعَبْدٍ مِثْلِهِ، وَيَخْشَعُ وَيَضْرَعُ أَمَامَ مَخْلُوقٍ يُحَاكِيهِ أَوْ يَزِيدُ
عَلَيْهِ فِي عَجْزِهِ فَيُطِيعُ مَنْ لَا يُطَاعُ، وَيَرْجُو وَلَا مَوْضِعَ لِلرَّجَاءِ، وَيَخَافُ وَلَا مَوْطِنَ لِلْخَوْفِ، وَيَكُونُ عَبْدًا لِلْأَوْهَامِ، عُرْضَةً لِلْخُرَافَاتِ، لَا اسْتِقْلَالَ لِعَقْلِهِ فِي إِدْرَاكِهِ، وَلَا لِإِرَادَتِهِ فِي عَمَلِهِ، بَلْ يَكُونُ عَقْلُهُ وَرَأْيُهُ وَإِرَادَتُهُ فِي تَصَرُّفِ بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي لَا تَمْلِكُ لَهُ وَلَا لِأَنْفُسِهَا نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، وَلَا هِدَايَةً وَلَا غَوَايَةً قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا، وَلَا نَفْعًا، وَلَا غَوَايَةً وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللهِ وَرِسَالَاتِهِ، فَهَذَا أَعْلَى وَأَعْظَمُ مَا أَعْطَاهُ اللهُ - تَعَالَى - لِلْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ مِنْ عِبَادِهِ، وَمَيَّزَهُمْ بِهِ عَلَى سَائِرِ عِبَادِهِ، وَهُوَ تَبْلِيغُ رِسَالَتِهِ، وَالدَّعْوَةُ إِلَى دِينِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا مُسَيْطِرِينَ وَلَا جَبَّارِينَ، وَلَا آلِهَةً أَوْ أَرْبَابًا مَعْبُودِينَ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (18: 110) .
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا وَمِمَّا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ فِي مِثْلِ هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ مَغْفِرَةِ اللهِ لِلشِّرْكِ مَعَ جَوَازِ غُفْرَانِ غَيْرِهِ يُؤْخَذُ مِنْ قَاعِدَتَيْنِ:
الْأُولَى: أَنَّ الْجَزَاءَ فِي الْآخِرَةِ هُوَ بِسَلَامَةِ الْأَرْوَاحِ وَسَعَادَتِهَا أَوْ هَلَاكِهَا وَشَقَاوَتِهَا، هُوَ تَابِعٌ لِمَا تَكُونُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ سَلَامَةِ الْفِطْرَةِ وَصِحَّةِ الْعَقِيدَةِ، وَدَرَجَةِ الْفَضِيلَةِ الَّتِي يُلَازِمُهَا فِعْلُ الْخَيْرَاتِ، وَعَمَلُ الصَّالِحَاتِ، أَوْ فَسَادُ الْفِطْرَةِ، وَخَطَأُ الْعَقِيدَةِ، وَالتَّدَنُّسُ بِالرَّذِيلَةِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ لِمَا يَكُونُ النَّاسُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْرَيْنِ دَرَجَاتٍ وَدَرَكَاتٍ، أَسْفَلُهَا وَأَخَسُّهَا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست