responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 338
عُمْرِهِمْ عَلَيْهِ، وَهُمُ الَّذِينَ نَقَلَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ عَنْ مُحَقِّقِي الْأَشَاعِرَةِ الْقَوْلَ بِنَجَاتِهِمْ لِعُذْرِهِمْ.
(الصِّنْفُ الْعَاشِرُ) : مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالْهُدَى الْبَتَّةَ، وَهُمُ الَّذِينَ يُعَبِّرُ عَنْهُمْ بَعْضُهُمْ بِأَهْلِ الْفَتْرَةِ، وَمَذْهَبُ الْأَشَاعِرَةِ أَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ وَنَاجُونَ.
هَذِهِ هِيَ أَصْنَافُ النَّاسِ فِي الْهُدَى وَالضَّلَالِ، بِحَسَبِ مَا خَطَرَ لِلْفِكْرِ الْقَاصِرِ الْآنَ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى صِنْفٍ مِنْهَا أَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى إِلَّا الْأَوَّلَ وَالثَّانِي، فَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ أَفْرَادِهِمَا فِي حَيَاتِهِ، أَوْ يُعَادِ سُنَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْهُدَى، وَإِنَّمَا سَبِيلُهُمْ كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللهُ - تَعَالَى - فِيهِ: نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، وَهُوَ الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةٍ أُخْرَى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (45: 23) ، وَهُمْ أَجْدَرُ النَّاسِ بِدُخُولِ جَهَنَّمَ، وَصَلْيُهَا الِاحْتِرَاقُ بِهَا وَسَائِرُ أَنْوَاعِ عَذَابِهَا ; لِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى، وَعَانَدُوا الْحَقَّ وَاتَّبَعُوا الْهَوَى.
وَأَمَّا سَائِرُ الْأَصْنَافِ فَيُوَلِّي اللهُ كُلًّا مِنْهُمْ مَا تَوَلَّى أَيْضًا، كَمَا هِيَ سُنَّتَهُ فِي الْإِنْسَانِ الَّذِي خَلَقَهُ مُرِيدًا مُخْتَارًا حَاكِمًا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الطَّبِيعَةِ الْمُحِيطَةِ بِهِ، بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ فِيهِمَا التَّصَرُّفَ الَّذِي يَرَاهُ خَيْرًا لَهُ ; وَلِذَلِكَ غَيَّرَ فِي أَطْوَارٍ كَثِيرَةٍ أَحْوَالَ مَعِيشَتِهِ وَأَسَالِيبَ تَرْبِيَتِهِ، وَسَخَّرَ قُوَى الطَّبِيعَةِ الْعَاتِيَةِ لِمَنَافِعِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ (45: 13) ، فَهُوَ مُرَبِّي نَفْسِهِ وَمُرَبِّي الطَّبِيعَةِ الَّتِي أَلَّهَهَا بَعْضُ أَصْنَافِهِ جَهْلًا مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَهُوَ لَا مُتَصَرِّفَ فَوْقَهُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، أَقُولُ هَذَا نَسْفًا لِأَسَاسِ جَبْرِيَّةِ الْفَلْسَفَةِ الْأُورُبِّيَّةِ الْحَاضِرَةِ بَعْدَ نَسْفِ أَسَاسِ جَبْرِيَّةِ الْفَلْسَفَةِ الْغَابِرَةِ، هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّ مَا يُسَمُّونَهُ الْأَفْعَالَ الْمُنْعَكِسَةَ تَعْمَلُ فِي الْإِنْسَانِ عَمَلَهَا، وَأَنَّهُ لَا عَمَلَ لَهُ بِهَا، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ حَاكِمٌ عَلَيْهَا كَحُكْمِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ تَرَكَ لَهَا الْحُكْمَ اسْتَبَدَّتْ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ وَفِيهَا فَعَلَ.
قُلْتُ: إِنَّ مِنْ سُنَّتِهِ - تَعَالَى - فِي الْإِنْسَانِ أَنْ يُوَلِّيَ كُلًّا مِنَ الْأَصْنَافِ مَا تَوَلَّى، وَلَكِنَّهُ لَا يُصْلِي كُلًّا مِنْهُمْ جَهَنَّمَ الَّتِي سَاءَ مَصِيرُهَا ; لِأَنَّ إِصْلَاءَ جَهَنَّمَ هُوَ تَابِعٌ لِمَا يَتَوَلَّاهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الضَّلَالَةِ فِي اعْتِقَادِهِ، وَنَاهِيكَ بِهِ إِذْ تَوَلَّاهَا بَعْدَ أَنْ ظَهَرَتِ الْهِدَايَةُ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ أَثَرٌ طَبِيعِيٌّ لِمَا تَكُونُ عَلَيْهِ النَّفْسُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الطَّهَارَةِ
وَالزَّكَاءِ وَالْكَمَالِ بِحَسَبِ تَزْكِيَةِ صَاحِبِهَا لَهَا، أَوْ مِنْ ضِدِّ ذَلِكَ بِحَسَبِ تَدْسِيَتِهِ لَهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا وَذَاكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى.
وَإِنَّنِي لَا أَتَذَكَّرُ أَنَّنِي اطَّلَعْتُ عَلَى تَفْسِيرٍ وَاضِحٍ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْحَكِيمَةِ الْعَالِيَةِ نَوَلِّهِ مَا تَوَلَّى، وَإِنَّمَا يُفَسِّرُونَ اللَّفْظَ بِمَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ، كَأَنْ يَقُولُوا: نُوَجِّهْهُ إِلَى حَيْثُ تَوَجَّهَ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست