responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 300
الرُّوَاةِ فَقَالَ: كَانَ يَقْصُرُ وَيُتِمُّ، أَيْ: هُوَ.
وَالتَّأْوِيلُ الَّذِي تَأَوَّلَتْهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ،
فَقِيلَ: ظَنَّتْ أَنَّ الْقَصْرَ مَشْرُوطٌ بِالْخَوْفِ وَالسَّفَرِ فَإِذَا زَالَ الْخَوْفُ زَالَ سَبَبُ الْقَصْرِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ غَيْرٌ صَحِيحٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَافَرَ آمِنًا وَكَانَ يُقْصِرُ الصَّلَاةَ، وَالْآيَةُ قَدْ أُشْكِلَتْ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ فَسَأَلَ عَنْهَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهُ بِالشِّفَاءِ وَأَنَّ هَذَا صَدَقَةٌ مِنَ اللهِ وَشَرْعٌ شَرَعَهُ لِلْأُمَّةِ.
وَكَانَ هَذَا بَيَانُ أَنَّ حُكْمَ الْمَفْهُومِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ الْجُنَاحَ مُرْتَفِعٌ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ عَنِ الْآمِنِ وَالْخَائِفِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ نَوْعُ تَخْصِيصٍ لِلْمَفْهُومِ أَوْ رَفْعٌ لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ قَصْرًا يَتَنَاوَلُ قَصْرَ الْأَرْكَانِ بِالتَّخْفِيفِ، وَقَصْرَ الْعَدَدِ بِنُقْصَانِ رَكْعَتَيْنِ، وَقُيِّدَ ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ: الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ وَالْخَوْفُ، فَإِذَا وُجِدَ الْأَمْرَانِ أُبِيحَ الْقَصْرُ فَيُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَقْصُورَةً عَدَدَهَا وَأَرْكَانَهَا، وَإِنِ انْتَفَى الْأَمْرَانِ فَكَانُوا آمِنِينَ مُقِيمِينَ، انْتَفَى الْقَصْرَانِ فَيُصَلُّونَ صَلَاةً تَامَّةً، وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُ السَّبَبَيْنِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَصْرُهُ وَحْدَهُ، فَإِذَا وُجِدَ الْخَوْفُ وَالْإِقَامَةُ قُصِرَتِ الْأَرْكَانُ وَاسْتُوفِيَ الْعَدَدُ، وَهَذَا نَوْعُ قَصْرٍ وَلَيْسَ بِالْقَصْرِ الْمُطْلَقِ فِي الْآيَةِ، فَإِنْ وُجِدَ السَّفَرُ وَالْأَمْنُ قَصَرَ الْعَدَدُ وَاسْتَوْفَى الْأَرْكَانَ وَسُمِّيَتْ صَلَاةَ الْأَمْنِ، وَهَذَا نَوْعُ قَصْرٍ وَلَيْسَ بِالْقَصْرِ الْمُطْلَقِ، وَقَدْ تُسَمَّى هَذِهِ الصَّلَاةُ مَقْصُورَةً بِاعْتِبَارِ نُقْصَانِ الْعَدَدِ، وَقَدْ تُسَمَّى تَامَّةً بِاعْتِبَارِ إِتْمَامِ أَرْكَانِهَا، وَأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي قَصْرِ الْآيَةِ، وَالْأَوَّلُ اصْطِلَاحُ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الصَّحَابَةِ كَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ عِنْدَهَا غَيْرُ مَقْصُورَةٍ مِنْ أَرْبَعٍ وَإِنَّمَا هِيَ مَفْرُوضَةٌ كَذَلِكَ، وَأَنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً، مُتَّفَقٌ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَالْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ وَالْعِيدُ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى، وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَهُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَالُنَا نَقْصُرُ وَقَدْ أَمِنَّا؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ، وَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ
حَدِيثَيْهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَجَابَهُ بِأَنَّ هَذَا صَدَقَةُ اللهِ عَلَيْكُمْ، وَدِينُهُ أَلَيْسَ السَّمْحَ، عَلِمَ عُمَرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ قَصْرَ الْعَدَدِ كَمَا فَهِمَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، وَعَلَى هَذَا فَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى أَنَّ قَصْرَ الْعَدَدِ مُبَاحٌ، يُنْفَى عَنْهُ الْجُنَاحُ، فَإِنْ شَاءَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست