responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 279
مُجَاهِدٍ وَهُوَ تِلْمِيذُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ رِوَايَاتٍ كَثِيرَةً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ، مِنْهَا رِوَايَةُ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَمَا كُفَّ بَصَرُهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَنَادَاهُ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا؟ فَقَالَ: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا، فَقَالَ: أَفَرَأَيْتَ فَإِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يَقُولُ: ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذًا بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا مِنْ قِبَلِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ يَلْزَمُ قَاتِلَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَقُولُ: سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟ " وَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللهِ بِيَدِهِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَمَا نَسَخَهَا مِنْ آيَةٍ أُخْرَى حَتَّى قُبِضَ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا نَزَلْ بَعْدَهَا مِنْ بُرْهَانٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَمَا جَاءَ نَبِيٌّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ وَلَا نَزَلْ كُتُبٌ بَعْدَ كِتَابِكُمْ.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى أَمَرَهُ
أَنْ يَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي النِّسَاءِ وَمَنْ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَالَّتِي فِي الْفُرْقَانِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، إِلَى وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (25: 68، 69) ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي الْإِسْلَامِ وَعَلِمَ شَرَائِعَهُ وَأَمْرَهُ ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَلَا تَوْبَةَ لَهُ، وَأَمَّا الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ فَإِنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللهِ، أَيْ: أَشْرَكْنَا - وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَمَا يَنْفَعُنَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ: إِلَّا مَنْ تَابَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ آيَةَ النِّسَاءِ نَزَلَتْ بَعْدَ آيَةِ الْفَرْقَانِ بِسَنَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِثَمَانِي سِنِينَ وَهَذِهِ أَقْرَبُ، فَإِنَّ سُورَةَ الْفُرْقَانِ مَكِّيَّةٌ حَتْمًا، وَسُورَةَ النِّسَاءِ مَدَنِيَّةٌ نَزَلَ أَكْثَرُهَا بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ، وَهِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَدْ رَوَاهَا ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ وَمَا تَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً، وَعَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَوْبَةٌ.
وَقَدْ بَيَّنَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ الْفَرْقَ بَيْنَ قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُشْرِكِ مِنَ الشِّرْكِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنَ الْجَرَائِمِ، وَعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْقَتْلِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ فَرْقٌ وَاضِحٌ مَعْقُولٌ مَنْ وَجْهٍ وَغَيْرُ مَعْقُولٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى قَاعِدَتِنَا فِي حِكْمَةِ اللهِ فِي الْجَزَاءِ عَلَى الشِّرْكِ وَالذُّنُوبِ، وَعَلَى الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَهِيَ أَنَّ الْجَزَاءَ تَابِعٌ لِتَأْثِيرِ الِاعْتِقَادِ، وَالْعَمَلِ فِي تَزْكِيَةِ النَّفْسِ أَوْ تَدْسِيَتِهَا.
نَعَمْ، إِنَّ إِقْدَامَ الْمَرْءِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَعْرِفَةَ مَا عَظَّمَ اللهُ - تَعَالَى - مِنْ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ، وَمَا شَدَّدَ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى جَرِيمَةِ الْقَتْلِ، يَكَادُ يَكُونُ رِدَّةً عَنِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ أَوْلَى بِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست