responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 258
وَمِنْهَا حَدِيثُ: إِنَّ أَفْضَلَ الْإِسْلَامِ وَخَيْرَهُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَأَنْ تَقْرَأَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ وَصَحَّ، أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ تَحَابُّوا، رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ حِبَّانَ عَنِ الْبَرَاءِ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ عَمَّارٌ: " ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ "، فَهَذَا مِنْ أَدَبِ الْإِسْلَامِ الْعَالِي الَّذِي لَا يَكَادُ يَجْمَعُهُ غَيْرُهُ.
إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا الْحَسِيبُ الْمُحَاسِبُ عَلَى الْعَمَلِ كَالْجَلِيسِ بِمَعْنَى الْمُجَالِسِ قَالَ الرَّاغِبُ: وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُكَافِئِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ الْكَافِي مَنْ حَسِبَكَ كَذَا إِذَا كَانَ يَكْفِيكَ، قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: الْمَعْنَى أَنَّهُ رَقِيبٌ عَلَيْكُمْ فِي مُرَاعَاةِ هَذِهِ الصِّلَةِ بَيْنَكُمْ بِالتَّحِيَّةِ، وَفِيهِ تَأْكِيدٌ لِأَمْرِ هَذِهِ الصِّلَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَقُولُ: إِنَّ فِيهَا أَيْضًا إِشْعَارًا بِحَظْرِ تَرْكِ إِجَابَةِ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْنَا وَيُحَيِّينَا وَأَنَّهُ تَعَالَى يُحَاسِبُنَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ:
اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ هُمَا الرُّكْنَانِ الْأَوَّلَانِ لِلدِّينِ، وَإِنَّمَا الرُّسُلُ يُبَلِّغُونَ النَّاسَ مَا يَجِبُ مِنْ إِقَامَتِهِمَا وَدَعْمِهِمَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَلَا غَرْوَ أَنْ يُصَرِّحَ الْقُرْآنُ بِهِمَا مَعًا تَارَةً، وَبِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا تَارَةً أُخْرَى فِي أَثْنَاءِ سَرْدِ الْأَحْكَامِ، فَإِنِّ ذِكْرَهُمَا هُوَ الْعَوْنُ الْأَكْبَرُ وَالْبَاعِثُ الْأَقْوَى عَلَى الْعَمَلِ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ، وَنَاهِيكَ بِأَحْكَامِ الْقِتَالِ الَّتِي يَبْذُلُ الْمُؤْمِنُ فِيهَا نَفْسَهُ وَمَالَهُ لِلدِّفَاعِ عَنِ الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ وَحُرِّيَّةِ الدِّينِ الْإِلَهِيِّ وَنَشْرِ هِدَايَتِهِ، وَتَأْمِينِ دُعَاتِهِ وَأَهْلِهِ، وَهَلْ يَبْذُلُ الْعَاقِلُ نَفْسَهُ إِلَّا فِي مَرْضَاةِ مَنْ يَجْزِيهِ عَلَى ذَلِكَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكُلِّ مَا فِيهَا؟
فَالْمَعْنَى: اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُعْبَدُ غَيْرُهُ، فَلَا تُقَصِّرُوا فِي طَاعَتِهِ وَالْخُضُوعِ لِأَمْرِهِ ; فَإِنَّ فِي طَاعَتِهِ شَرَفَكُمْ وَسَعَادَتَكُمْ، وَارْتِقَاءَ أَرْوَاحِكُمْ وَعُقُولِكُمْ، إِذْ حَرَّرَكُمْ بِذَلِكَ مِنَ الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ وَالْخُضُوعِ لِأَمْثَالِكُمْ مِنَ الْبَشَرِ، بَلْ لَهُ الْخُضُوعُ وَالذُّلُّ لِمَا دُونَ الْبَشَرِ مِنَ الْمَعْبُودَاتِ الَّتِي ذَلَّ لَهَا الْمُشْرِكُونَ، وَسَيَجْعَلُ لَكُمْ بِهَذَا الدِّينِ مُلْكًا عَظِيمًا وَيَجْعَلُكُمُ الْوَارِثِينَ، وَهَلْ هَذَا كُلُّ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْجَزَاءِ لِلْمُحْسِنِينَ؟ كَلَّا إِنَّهُ - وَاللهِ - لَيَجْمَعَنَّكُمْ وَيَحْشُرَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا رَيْبَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا فِيمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْجَزَاءِ الْأَوْفَى عَلَى الْأَعْمَالِ، فَقَدْ أَكَّدَ اللهُ - تَعَالَى - خَبَرَهُ بِالْقَسَمِ وَهُوَ أَقْوَى الْمُؤَكِّدَاتِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا، أَيْ: لَا أَحَدَ أَصْدَقُ مِنْهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فَيُرَجَّحُ خَبَرُهُ عَلَى خَبَرِهِ، فَكَلَامُ غَيْرِهِ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ عَنْ عَمْدٍ وَعِلْمٍ، أَوْ عَنْ جَهْلٍ أَوْ سَهْوٍ، وَأَمَّا كَلَامُهُ تَعَالَى فَهُوَ عَنِ الْعِلْمِ الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (20: 52) ، فَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُهُ غَيْرَ صَادِقٍ لِنَقْصٍ فِي الْعِلْمِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لِغَرَضٍ أَوْ حَاجَةٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ دَلَّ إِعْجَازُ الْقُرْآنِ عَلَى كَوْنِهِ كَلَامَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست