responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 252
الْعَادِلِ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْمَشْفُوعِ لَهُ لِكَذَا، أَوْ وُقُوعِ الظُّلْمِ عَلَيْهِ فِي كَذَا، وَأَنْ يَكُونَ مَا عَدَا هَذَا مِنَ النَّوَادِرِ الَّتِي لَا تَخْلُو حُكُومَةٌ
مِنْهَا، مَهْمَا ارْتَقَتْ وَصَلُحَ حَالِهَا.
وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا أَيْ: مُقْتَدِرًا أَوْ حَافِظًا أَوْ شَاهِدًا، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالْحَفِيظِ وَالشَّهِيدِ، أَقْوَالُ: قَالَ الرَّاغِبُ: وَحَقِيقَتُهُ قَائِمًا عَلَيْهِ يَحْفَظُهُ وَيَقِيتُهُ - يَعْنِي أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقُوتِ وَهُوَ مَا يُمْسِكُ الرَّمَقِ مِنَ الرِّزْقِ وَتُحْفَظُ بِهِ الْحَيَاةَ - يُقَالُ: قَاتَهُ يَقُوتُهُ إِذَا أَطْعَمَهُ قُوتَهُ، وَأَقَاتَهُ يُقِيتُهُ إِذَا جَعَلَ لَهُ مَا يَقُوتُهُ اهـ، وَمَنْ جَعَلَ لَكَ مَا يَقُوتُكَ دَائِمًا كَانَ قَائِمًا عَلَيْكَ بِالْحِفْظِ وَشَهِيدًا عَلَيْكَ لَا يَقُوتُهُ أَمْرُكَ وَلَا يَغِيبُ عَنْهُ، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مَعْنَى الْقُدْرَةِ أَيْضًا بِاللُّزُومِ، وَلَكِنَّهُمْ أَوْرَدُوا مِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى كَوْنِ الْمُقِيتِ بِمَعْنَى الْمُقْتَدِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِنَ الْقُوتِ، كَقَوْلِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلَبِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
وَذِي ضَغَنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْهُ ... وَكُنْتُ عَلَى إِسَاءَتِهِ مُقِيتَا
وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ:
تَجَلَّدْ وَلَا تَجْزَعْ وَكُنْ ذَا حَفِيظَةٍ ... فَإِنِّي عَلَى مَا سَاءَهُمْ لَمَقِيتُ
وَرَجَّحَ ابْنُ جَرِيرٍ هُنَا مَعْنَى الْمُقْتَدِرِ مُسْتَدِلًّا بِبَيْتِ الزُّبَيْرِ لِأَنَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَقَاتَ عَلَى الشَّيْءِ اقْتَدَرَ عَلَيْهِ، وَأَنْشَدَ بَيْتَ الزُّبَيْرِ، وَعَزَاهُ أَوَّلًا إِلَى أَبِي قَيْسِ بْنِ رِفَاعَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لِلزُّبَيْرِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ اللَّفْظِ فِي الْآيَةِ الْفَرَّاءِ: الْمُقِيتُ الْمُقْتَدِرُ وَالْمُقَدِّرُ كَالَّذِي يُعْطَى كُلَّ شَيْءٍ قُوتَهُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُقِيتُ الْقَدِيرُ، وَقِيلَ: الْحَفِيظُ، قَالَ: وَهُوَ بِالْحَفِيظِ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقُوتِ، يُقَالُ: قُتُّ الرَّجُلَ أَقُوتُهُ إِذَا حَفِظْتُ نَفْسَهُ بِمَا يَقُوتُهُ، وَالْقُوتُ اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي يَحْفَظُ نَفْسَهُ وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحِفْظِ، فَمَعْنَى الْمُقِيتِ الْحَفِيظُ الَّذِي يُعْطِي الشَّيْءَ قَدْرَ الْحَاجَةِ مِنَ الْحِفْظِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمُقِيتُ الْمُقْتَدِرُ كَالَّذِي يُعْطِي كُلَّ رَجُلٍ قُوتَهُ، وَيُقَالُ: الْمُقِيتُ الْحَافِظُ لِلشَّيْءِ وَالشَّاهِدُ لَهُ، وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ لِلْسَمَوْأَلِ بْنِ عَادِيَا:
رُبَّ شَتْمٍ سَمِعْتُهُ وَتَصَامَمْـ ... ـتُ وَغَيٍّ تَرَكْتُهُ فَكُفِيتُ
لَيْتَ شِعْرِي وَأَشْعُرَنَّ إِذَا مَا ... قَرَّبُوهَا مَنْشُورَةً وَدُعِيتُ
أَلِيَ الْفَضْلُ أَمْ عَلَيَّ إِذَا حُو ... سِبْتُ إِنِّي عَلَى الْحِسَابِ مُقِيتُ
أَيْ: أَعْرَفُ مَا عَمِلْتَ مِنَ السُّوءِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، حَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ السِّيرَافِيِّ، قَالَ: الصَّحِيحُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى "
رَبِّي عَلَى الْحِسَابِ مُقِيتُ
" إِلَى آخِرِ
مَا ذَكَرَهُ وَمِنْهُ تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ لِلْمُقِيتِ فِي بَيْتِ السَّمَوْأَلِ بِالْمَوْقُوفِ عَلَى الْحِسَابِ.
وَحَاصِلُ مَعْنَى الْجُمْلَةِ: وَكَانَ اللهُ وَمَا زَالَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا، أَيْ: مُقْتَدِرًا مُقَدَّرًا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست