responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 245
وَالْقَائِدُ الْعَامُّ فِي الْحَرْبِ، وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَرِجَالِ الشُّورَى لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ خَفَايَا هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَعْرِفُونَ مَصْلَحَةَ الْأُمَّةِ فِيهَا، وَمَا يَنْبَغِي إِذَاعَتُهُ وَمَا لَا يَنْبَغِي، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ مَسَائِلِ النَّصِّ فِي الْكِتَابِ عَلَى بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَالسُّكُوتِ عَنْ بَعْضٍ؟ وَوُجُوبِ اسْتِنْبَاطِ مَا سُكِتَ عَنْهُ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّسُولِ وَعَلَى أُولِي الْأَمْرِ، وَوُجُوبِ اتِّبَاعِ الْعَامَّةِ لِلْعُلَمَاءِ فِيمَا يَسْتَنْبِطُونَهُ مُطْلَقًا؟ لَيْسَ هَذَا مِنْ ذَاكَ فِي شَيْءٍ.
عَلَى أَنَّ الرَّازِيَّ كَانَ أَبْطَلَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ أُولِي الْأَمْرِ هُمُ الْعُلَمَاءُ، وَقَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمُ الْأُمَرَاءُ، وَأَثْبَتَ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ أَيْ جَمَاعَتُهُمْ، فَكَيْفَ يُبْطِلُ هُنَا مَا حَقَّقَهُ فِي آيَةِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4: 59) ، بِقَوْلِهِ بِوُجُوبِ تَقْلِيدِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا أَبْطَلَ بِهِ مَا حَقَّقَهُ فِي تَفْسِيرِ آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ؟ قَدْ عَلِمْتَ أَيُّهَا الْقَارِئُ الَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ الِاسْتِقْلَالِ فِي الْفَهْمِ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ قَدْ أَوْجَبَتْ تَدَبُّرَ الْقُرْآنِ وَالِاهْتِدَاءَ بِهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَكَانَتْ مِنَ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَنْعِ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وِفَاقًا لِلرَّازِيِّ الَّذِي
صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ نَفْسِهَا، وَكَذَا فِي الْفُرُوعِ الْعَمَلِيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ كَالْعِبَادَاتِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ; لِأَنَّ أَكْثَرَهَا مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَالنُّصُوصَ فِيهَا أَوْضَحُ وَأَقْرَبُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ، وَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ الْحَدِيثَ، وَهُوَ قَدْ أَوْجَبَ فِي الْأُمُورِ الْمُشْتَبَهِ فِيهَا أَنْ تُتْرَكَ لِئَلَّا تَجُرَّ إِلَى الْحَرَامِ، وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى الْمُشْتَبَهِ فِي شَيْءٍ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَا يَعْتَقِدُهُ غَيْرُهُ وَيُقَلِّدُهُ فِيهِ، وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْعَامَّةُ كَالْحَرْبِ وَالسِّيَاسَةِ وَالْإِدَارَةِ، فَهِيَ الَّتِي تُفَوِّضُهَا الْعَامَّةُ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ وَتَتْبَعُهُمْ فِيهَا، هَذَا مَا تَهْدِي إِلَيْهِ الْآيَةُ وِفَاقًا لِغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي الْقُرْآنِ.
وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ: لَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بِكُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ بِمَا هَدَاكُمْ إِلَيْهِ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَالرَّسُولِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَتُدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَرَدِّ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ لَاتَّبَعْتُمْ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ كَمَا اتَّبَعَتْهُ تِلْكَ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَقُولُ لِلرَّسُولِ: طَاعَةٌ لَكَ، وَتُبَيِّتُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَالَّتِي تُذِيعُ بِأَمْرِ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ وَتُفْسِدُ عَلَى الْأُمَّةِ سِيَاسَتَهَا بِهِ، إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْأَتْبَاعِ، أَيْ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ فِي أَكْثَرِ أَعْمَالِكُمْ بِجَعْلِهَا مِنَ الْبَاطِلِ وَالشَّرِّ لَا فِيهَا كُلِّهَا، أَوْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ أُوتُوا مِنْ صَفَاءِ الْفِطْرَةِ وَسَلَامَتِهَا مَا يَكْفِي لِإِيثَارِهِمُ الْحَقَّ وَالْخَيْرَ كَأَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ، فَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا (24: 21) .
وَفَسَّرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْفَضْلَ وَالرَّحْمَةَ بِالْقُرْآنِ وَبِعْثَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِنَايَةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست